والصلاة ، لعدم صدق العناوين (الراوي والناظر والعارف) عليه.
وأُجيب عنه : إنّ المقبولة في مقابل المنع عن الرجوع إلى حكّام الجور وقضاتهم ، ومن الواضح أنّ قضاتهم لم يكونوا عارفين بجميع الأحكام ، وإنّما عرفوا جملة منها ، وباعتبار مناسبة الحكم مع الموضوع أنّه لا يرجع إليهم بل يرجع إلى من يقابلهم منكم ، وإن كان عارفاً بجملة من أحكامنا وقضايانا وحلالنا وحرامنا ، ثمّ لو اعتبر العلم بجميع الأحكام ، فإنّه لم يتّفق إلّا للأوحدي من الفقهاء ، فيلزم سدّ باب القضاء حينئذٍ.
وقد ادّعي الإجماع على اشتراط معرفة كلّ الأحكام في باب القضاء والقاضي.
كما ورد في الأخبار ما يستفاد ذلك ، كرواية أبي خديجة الأُخرى : (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته حاكماً فتحاكما إليه) (١).
فالظاهر من لفظة (من) للتبعيض ، فمن علم شيئاً قليلاً من أحكامهم يجوز له التصدّي للحكم.
وقد وقع اختلاف بين نسخة التهذيب ونسختي الكافي والفقيه ، ففيه (من قضايانا) ، وفيهما (من قضائنا) ، والأمر في مقام الدلالة على المطلوب بالرجوع إلى المتجزّي أوضح فيهما. فإنّ ما وصل إلينا منهم في باب القضاء يعدّ من القليل ،
__________________
(١) الوسائل : باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.