أقول : ما يظهر من الخبر الشريف هو المرتبة العالية من العدالة باعتبار مناسبة الحكم والموضوع ، وأمّا المراد من قوله (عليهالسلام) : مخالفاً لهواه ليس المباحات حتّى يقال باختصاصه بالمعصومين (عليهمالسلام) ، بل الناس دون أهل العلم بدرجة ، فإذا كان العلماء لا سيّما الفقهاء يأتون بالمستحبّات فضلاً عن الواجبات ، فإنّ الناس سيأتون بالواجبات ، وإذا كان أهل العلم يتجنّبون المكروهات فضلاً عن المحرّمات ، فإنّ الناس يتركون المحرّمات كما أشار إلى هذا المعنى الجليل الثابت بالوجدان الشهيد الثاني في منيته وحينئذٍ ربما المقصود من قوله (عليهالسلام) مخالفاً لهواه أنّه لا يرتكب المكروهات ، وهذه غير العدالة التي تعني إتيان الواجبات وترك المحرّمات ، التي يشترط في إمام الجماعة.
ولمّا كانت المرجعية بمنزلة الإمامة والنبوّة ، وأنّها زعامة دينية ودنيوية ، يعلم من مذاق الشارع المقدّس أنّ عدالة المرجع فوق عدالة الناس ، وما ورد أنّ أورع الناس من اجتنب المحارم ، فهو بالقياس إلى الناس ، أمّا الأورعية في المجتهد ومرجع التقليد فإنّها مرتبة عالية من الورع فوق اجتناب المحرّمات ودون اجتناب المباحات ، فاجتناب المحارم لعامّة الناس واجتناب المباحات للمعصومين ، واجتناب المكروهات لمراجع التقليد ، فإنّهم الواسطة بين الناس والإمام المعصوم (عليهالسلام). فهم في التقوى دون الأئمة الأطهار (عليهمالسلام) وفوق الناس. وهذه المرتبة من العدالة والتقوى تناسب مقام المرجعية والفتوى.
قال العلّامة الاصطهباناتي (قدسسره) في تعليقته على العروة : إنّ مراد الماتن بملاحظة ما يأتي في مطاوي كلماته من تقديم العدل الأورع على العدل الورع هو