عدم جواز الرجوع إلى من ارتكب أمراً مباحاً شرعياً لهواه إذ لا يصدق معه أنّه مخالف لهواه ، لأنّه لم يكن مخالفاً لهواه حتّى في المباحات ، ومن المتّصف بذلك؟! غير المعصومين (عليهمالسلام) ، فإنّه أمر لا يحتمل أن يتّصف به غيرهم ، أو لو وجد فهو في غاية الشذوذ ، ومن ذلك ما قد ينسب إلى بعض العلماء من أنّه لم يرتكب مباحاً طيلة حياته ، وإنّما كان يأتي به مقدّمة لأمر واجب أو مستحبّ ، إلّا أنّه ملحق بالعدم لندرته ، وعلى الجملة إن أُريد بالرواية ظاهرها وإطلاقها لم يوجد لها مصداق كما مرّ ، وإن أُريد بها المخالفة للهوى فيما نهى عنه الشارع دون المباحات فهو عبارة أُخرى عن العدالة ، وليس أمراً زائداً عليها ، وقد ورد : إنّ أورع الناس من يتورّع عن محارم الله ، ومع التأمّل في الرواية يظهر أنّ المتعيّن هو الأخير ، فلا يشترط في المقلَّد زائداً على العدالة شيء آخر) (١).
وفي تعليق العلّامة الفقيه الأصفهاني : إنّ الإقبال على الدنيا وطلبها إن كان على الوجه المحرّم فهو يوجب الفسق المنافي للعدالة ، فيغني عنه اعتبارها ، وإلّا فليس بنفسه مانعاً عن جواز التقليد ، والصفات المذكورة في الخبر ليست إلّا عبارة أُخرى عن صفة العدالة (٢).
ويقول السيّد البروجردي (قدسسره) : إنّ المعتبر من عدم كونه مقبلاً للدنيا هو المقدار الذي يعتبر في العدالة ، والخبر لا يدلّ على أزيد من ذلك أيضاً.
__________________
(١) التنقيح ١ : ٢٣٦.
(٢) الدرّ النضيد ١ : ٤٦١.