فتولّد عندهم علم أُصول الفقه.
إلّا أنّ أصحابنا الإمامية ، فإنّه نقل عن بعضهم أنّه يعتقد باستغناء الأصحاب عن الاجتهاد في عصر الأئمة (عليهمالسلام) لانفتاح باب العلم ، وربما يقال لئلّا يكون الاجتهاد في مقابل النصّ. والحقّ خلاف ذلك كما يظهر من الأخبار الشريفة ، فإنّ اجتهاد الأصحاب إنّما كان في طول النصوص لا في عرضها ، كما أنّ الأئمة الأطهار (عليهمالسلام) بأنفسهم كانوا يرجعون الشيعة إلى كبار تلامذتهم والحواريين من أصحابهم ، بل قال الإمام الصادق (عليهالسلام) : (علينا بإلقاء الأُصول وعليكم بالتفريع) (١) ، كما قال الإمام الرضا (عليهالسلام) مضمون ذلك أيضاً.
كما إنّ الغالب في سكنى الأئمة (عليهمالسلام) أنّهم استوطنوا المدينة المنوّرة ، وكان من الصعب لقاءهم والتحدّث معهم في كلّ المسائل ، ومن كلّ البقاع الإسلامية آن ذاك ، كما كان معظمهم تحت الرقابة الحكومية الظالمة ، أو في سجون الطغاة ومعسكراتهم ، فمن الصعب درك فيض حضورهم. ولمثل هذا أرجعوا شيعتهم إلى رواة أحاديثهم ، وفيها العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمتعارض ، واستخراج الحكم منها هو الاجتهاد والاستنباط ، فإنّها لم تختصّ بزمن الغيبة الكبرى كما هو الظاهر في الأخبار العلاجية ، كما في مقبولة ابن حنظلة (٢) دلالة على ذلك ، في قوله (عليهالسلام) : (ينظر في حلالنا وحرامنا) فهذا يعني أنّه صاحب نظر (عرف أحكامنا) وهذا نتيجة
__________________
(١) الوسائل ، كتاب القضاء ١٨ ، الحديث ٥١.
(٢) فروع الكافي ٧ : ٤١٢ ، القضاء ، الحديث ٥.