ثمّ الكليني ليس في كلامه ما يدلّ بالصراحة أنّ ما ينقله كلّه حجّة ، وإن قيل بذلك لا سيّما بناءً على مبنى القدماء في الصحّة ، كما جاء في مقدّمة الكتاب (١).
نعم في الأخبار التي لها حكم واحد بإسناد متعدّدة ، أو عمل المشهور بها فيدلّ على التسالم عليها ، فمثل هذا لا يحتاج إلى السند ، وربما الفقيه أحرز ذلك للقرائن الخاصّة في الرواية. وعلى كلّ حال فإنّ الفقيه المجتهد لا يستغني عن علم الرجال.
وأمّا علم المنطق فلم يذكره الآخوند كذلك ، ولا يحتاجه الفقيه في مقام الاستنباط ، فإنّ الجميع يعرف أنّه في القياس لا بدّ أن تكون الكبرى موجبة كلّية وإن لم يعرفوا المصطلحات ، فليس علم المنطق من مبادئ الاجتهاد ، وكذلك علم الكلام ، فإنّ المراد ما يتوقّف عليه الاجتهاد لا ما يتوقّف عليه الإسلام ، كما إنّ الإيمان متوقّف على الولاية وليست هي من مقدّمات الاجتهاد.
فتحصّل أنّ الاجتهاد إنّما يتوقّف على العلوم العربيّة الثلاثة وعلم الأُصول والتفسير بالمعنى المذكور وعلم الرجال.
__________________
(١) لا سيما في قوله عليه الرحمة : (وقلت إنّك تحبّ أن يكون كتاب كافٍ يجمع فيه من جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهمالسلام) ض ، والسنن القائمة التي عليها العمل ، وبها تؤدّي فرض الله وسنن نبيّه (صلىاللهعليهوآله)) ، بأمثال هذه العبارة ذهب بعض الأعلام كالسيّد ابن طاوس والمحدّث النوري إلى صحّة ما في الكافي ، فتأمّل وراجع الدرّ النضيد ١ : ٧٠ ، ومناقشة الكاتب للسيّد الخوئي (قدسسره).