أُموراً :
الأوّل : أن لا يكون معوجّ السليقة فإنّه آفة للحاسّة الباطنة ، كما أنّ الحاسّة الظاهرة بما تصير مألوفة .. وطريق معرفة الاعوجاج العرض على أفهام الفقهاء واجتهاداتهم ، فإن وجد فهمه واجتهاده وافق طريقة الفقهاء فليحمد الله ويشكره ، وإن يجد يخالفها فليتّهم نفسه .. ربما يلقي الشيطان في قلوبهم أنّ موافقة الفقهاء تقليد لهم وهو حرام ونقص فضيلة ، فلا بدّ من المخالفة حتّى يصير الإنسان مجتهداً فاضلاً ، ولا يدري أنّ هذا غرور من الشيطان ..
الثاني : أن لا يكون رجلاً بحّاثاً ، في قلبه محبّة البحث والاعتراض والميل إليه متى ما سمع شيئاً يشتهي أن يعترض عليه إمّا حبّا لإظهار الفضيلة أو أنّه مرض قلبي كالكلب العقور كما نشاهد الحالين في كثير من الناس ، ومثل هذا القلب لا يكاد يهتدي ولا يعرف الحقّ من الباطل ..
الثالث : أن لا يكون لجوجاً عنوداً ، فإنّا نرى كثيراً من الناس أنّهم إذا حكموا بحكم في بادي نظرهم أو تكلّموا بكلام غفلة أو تقليداً أو من شبهة سبقت إليهم أنّهم يلجّون ويكابرون ، ومن قبيل الغريق يتشبّثون بكلّ حشيش للتتميم والتصحيح ، وليس همّتهم متابعة الحقّ بل جعلوا الحقّ تابع قولهم ..
الرابع : أن لا يكون في حال قصوره مستبدّاً برأيه ، فإنّا نرى كثيراً من طلاب العلم في أوّل أمرهم في نهاية قصور الباع وفقد الاطلاع ، ومع ذلك مستبدّون بهذا الرأي القاصر الجاهل الغافل ، فإذا رأوا كلام المجتهدين ولم يفهموا مرامهم لقصورهم وفقدان اطلاعهم يشرعون في الطعن عليهم ، بأنّ ما ذكرتم من أين وكلّ