وهذا لا يتنافى مع ما يقوله في الأمارة بأنّ الأحكام الواقعيّة فعليّة ، وهنا يقول بأنّ الحكم الواقعي غير منجّز عند عدم إصابة الأمارة بل غير فعلي ، فقوله غير فعلي هنا باعتبار مقولة الشيخ ، وما قاله بالفعليّة هناك باعتبار الفعليّة المغيّاة ، فلا تهافت بين كلامه ، فتدبّر.
ثمّ ما قاله من معقوليّة التصويب غير معقول ، فبناءً على قوله بماذا يظنّ المجتهد ، فإنّ الحكم الذي يصل إليه من خلال اجتهاده ، كيف يتعلّق به الظنّ والعلم وهما متنافيان؟ فإنّ الظنّ غير العلم؟
نعم المعقول منه لو كان الحكم جعل في حقّ العالمين دون الجاهل ، بناءً على دفع الدور كما ذكر في حجّية القطع ، فغرض الشارع ينبعث لمن يصل إليه الحكم الواقعي الحقيقي بالعلم ، فالمجتهد يفحص عن حكم العالمين ، وعند الظنّ به ، فإنّه يتولّد في حقّه حكم آخر حقيقي كما يكون حكماً شرعياً في حقّ المقلّدين.
ثمّ لازم المسالك في الأمارات أنّ في الواقع تكاليف قد جعلها الشارع على المكلّفين مع قطع النظر عن علمهم وجهلهم ، وتتنجّز في حقّهم عند وصولهم إليها ، ومع وجود الموضوع يكون الحكم فعليّاً ، فيراعى التكليف عند التنجّز ، ففي الأحكام الواقعيّة نقول بالتخطأ عند عدم الوصول إليها ، فلم يؤخذ علم المكلّف وجهله في التكليف في الخطابات الشرعيّة.
ثمّ المحقّق النائيني يقول بالتصويب في الأحكام الظاهريّة لم نتعرّض له طلباً للاختصار ، ولأنّ موضعه علم أُصول الفقه ، كما نتعرّض له في خارج الأُصول إن شاء الله تعالى ، ونقول إجمالاً أنّ الحكم الظاهري كالواقعي قابل للتخطأ والتصويب.