فانّ ظاهر الآية انّ صاحبات الحمل لا يخرجن من العدة إلا بعد وضع أولادهن ، والآية وإن وردت في سورة الطلاق ولكن إطلاقها يعمّ المعتدة بعدّة الوفاة فلو مضى من موت الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام فلا تخرج من العدّة إلا إذا وضعت حملها ، فليست الآية متشابهة غير واضحة المراد وإنّما الكلام في وجود الإطلاق وعدمه ، أي في سعة الآية وضيقها.
على أنّ هناك رأياً آخر في تفسير المتشابه ، وهو : انّ المتشابه عبارة عن الآيات الراجعة إلى حقيقة البرزخ والمعاد والجن والملك ممّا لا يمكن الإحاطة بكنهه إلا بعد الخروج عن دار التكليف ، مثلاً انّ قوله سبحانه : ( إنّها شَجَرةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجَحِيم * طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّياطِين ) (١) من الآيات المتشابهة التي لا يقف الإنسان على حقيقتها مادام في دار المجاز.
فلو كان المتشابه هو هذا فلا صلة له بالآيات الواضحة الدلالة والمداليل كأكثر ما ورد في العبادات والمعاملات.
٤. العلم الإجمالي بالتخصيص والتقييد
انّا نعلم انّ عمومات القرآن ومطلقاته خصّصت وقيدت بمخصصات ومقيّدات ، ومع العلم الإجمالي بطروء التصرف في دلالاتها كيف يمكن التمسّك بظواهرها؟
يلاحظ عليه : أنّ العلم الإجمالي يبعث المجتهد إلى الفحص عن المخصصات والمقيدات الواردة في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتبرة ، فإذا فحص عنها فحصاً كاملاً وعثر على عدّة منها واحتمل انطباق المعلوم بالإجمال على ما حصّله بالتفصيل ، لم يبق له علم إجمالي بوجود المخصصات والمقيدات
__________________
١. الصافات : ٦٤ ـ ٦٥.