عدم جواز اتباعها لكون دلالتها بالفرض ظنية.
يلاحظ عليه : أنّ دلالة الظواهر على المعاني الاستعمالية قطعية ، ولا يظهر في ذهن العقلاء أيّ تردد وشك ، وقد تقدّم تفصيله
وهناك جواب رابع ، وهو للمحقّق النائيني وهو : انّ نسبة الأدلّة الدالّة على جواز العمل بخبر الواحد ليست نسبة التخصيص بل نسبة الحكومة ، فانّ تلك الأدلّة تقتضي إلقاء احتمال الخلاف وجعل الخبر محرِزاً للواقع ، فيكون حاله حالَ العلم في عالم التشريع فلا يمكن أن تعمه الأدلّة الناهية عن العمل بالظن. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الدليل الواضح لحجّية الخبر الواحد ، هو السيرة العقلائية وهي دليل لبي ليس له لسان ، والحكومة أمر قائم باللسان.
أضف إلى ذلك أنّه ليس في الأدلّة اللفظية ما يدل على إلقاء احتمال الخلاف وجعل الخبر محرزاً للواقع.
وأمّا قوله عليهالسلام : « العمري وابنه ثقتان ، ما أديّا إليك عنّي ، فعنّي يؤديان ، فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان » (٢) فإنّما سيق لبيان وثاقة الأب والابن ، بقرينة ذيله : « الثقتان المأمونان » لا لأجل إلقاء احتمال الخلاف وتنزيل الظن منزلة العلم.
والتحقيق أن يقال : إنّ الظن يطلق ويراد منه معان مختلفة :
١. اليقين كقوله سبحانه : ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ وَإِنّها لَكَبيرَةٌ إِلاّعَلى الْخاشِعين * الَّذينَ يَظُنُّونَ أَنّهُمْ مُلاقُوا رَبّهِمْ وَأَنّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُون ) (٣) والمراد منه بقرينة كونه وصفاً للخاشعين هو اليقين.
__________________
١. فوائد الأُصول : ٣ / ١٦١.
٢. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.
٣. البقرة : ٤٥ ـ ٤٦.