٢. الاطمئنان كقوله سبحانه : ( وَعَلى الثَلاثَة الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَت وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أن لا مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلا إِلَيْهِ ) (١) أي اطمأنّوا انّه لا حيلة إلا الرجوع إلى اللّه ، ولأجل ذلك رجع اللّه إليهم بالرحمة كما قال تعالى : ( ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيم ).
٣. ترجيح أحد الطرفين استناداً إلى الخرص والتخمين بلا دليل مثل قوله : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ إنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّيخْرُصُون ). (٢)
والمراد من الآيات الناهية عن اتباع الظن إنّما هو هذا النوع من الترجيح غير المعتمد على أصل صحيح بل مبنيّاً على الخرص والتخمين والخيال ، ولأجل ذلك سمّوا الملائكة تسمية الأُنثى.
ويوضح ذلك قوله في سورة الحجرات : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظِّنِ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (٣) حيث إنّ الرجل يسيء الظن بشخص ، ثمّ يتصدى للتحقيق هل هو صحيح أو لا؟ فيتجسس ، ثمّ يصل إلى ما ظن به فيغتابه.
وأين هذا النوع من الظن ، من العمل بقول الثقة الذي لا يصدر عن الهوى ، ولا عن الخرص والتخمين بل يرويه عن حسّ أو ما يقرب منه؟!
ولعمري انّ المشايخ ما أعطوا للآيات حقّها من الإمعان.
__________________
١. التوبة : ١١٨.
٢. الأنعام : ١١٦.
٣. الحجرات : ١٢.