الثاني : السنّة
استدل القائلون بعدم جواز العمل بخبر الواحد ، بروايات اختلفت مضامينها وانقسمت إلى أصناف ، لكنّهم استظهروا من المجموع دلالتها على عدم حجّيته ، وأنّها وإن لم تكن متواترة لفظاً لكن القدر الجامع بين الجميع متواتر معنىً ، وإليك رؤوس أصنافها :
الأوّل : ما يدل على لزوم الاكتفاء بما يعلم ، وتدلُّ عليه رواية واحدة.
الثاني : ما يدل على حجّية ما وافق الكتاب والسنّة ، وبهذا المضمون روايات خمس.
الثالث : ما يدل على عدم حجّية مخالف الكتاب ، وبهذا المضمون رواية واحدة.
الرابع : ما يجمع بين الأمرين ، يأمر بأخذ الموافق وطرح المخالف ، وبهذا المضمون روايتان.
وقد بث الشيخ الحرّ العاملي هذه الروايات في الباب التاسع من أبواب صفات القاضي ، وإليك دراسة هذه الأصناف.
أمّا الصنف الأوّل : أعني ما يدل على الاقتصار بما يعلم ، فقد رواه نضر الخثعمي قال : سمعت أبا عبد اللّه عليهالسلام يقول : « من عرف إنّا لا نقول إلا حقاً فليكتف بما يعلم منّا ، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم انّ ذلك دفاع منّا عنه ». (١)
يلاحظ عليه : أنّ الرواية بصدد توجيه الروايات الواردة على وفق التقيّة ، وأنّ الإفتاء بها ، لأجل صيانة دماء الشيعة عن الإراقة ، فإذا سمع منه خلاف ذلك فليأخذ بما علم ، مثلاً : إنّ مسح الرجلين من ضروريات الفقه الإمامي فإذا سمع
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣.