وتتضح حقيقة مراده إذا رجعنا إلى التنبيه الأوّل من تنبيهات دليل الانسداد ، فقد فرعوا على المقدمات الخمس انّ قضيتها على تقدير سلامتها هل هو حجّية الظن بالواقع ، أو حجّية الظن بالطريق ، أو بهما؟ وقد اختار صاحب الحاشية انّ الحجّة هو الظن بالطريق كالظن بأنّ القرعة حجّة ، والخبر الواحد حجّة ، ولا يكفي الظن بالواقع إذا لم يكن هناك ظن بالحجّية كالظن بالحكم الواقعي عن طريق القياس والاستحسان. (١)
فهو قدسسره قد أقام ثمانية أدلة على اعتبار الظن بالطريق ، وقد نقل الشيخ الأنصاري الوجه السادس ، ونحن نذكر نصّ كلامه.
قال : السادس : إنّه قد دلّت الأخبار القطعية والإجماع المعلوم من الشيعة على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة بل ذلك ممّا اتّفقت عليه الأُمّة.
وحينئذ إن أمكن حصول العلم بالحكم الواقعي من الرجوع إليهما في الغالب ، تعيّن الرجوع على الوجه المذكور ، وإن لم يحصل ذلك وكان هناك طريق في كيفية الرجوع إليهما ( كالخبر الصحيح والموثق مثلاً ) تعين الأخذ به وكان بمنزلة الوجه الأوّل وإن انسد سبيل العلم ، وكان هناك طريق ظني ( كالخبر الحسن والضعيف ) في كيفية الرجوع إليهما لزم الانتقال إليه والأخذ بمقتضاه وحيث لا ترجيح لبعض الظنون المتعلقة بذلك على بعض يكون مطلق الظن المتعلق بهما حجّة. (٢)
فإن قلت : كيف يكون هذا التقرير دليلاً على حجّية الخبر الواحد ، مع أنّ نتيجته هو حجّية مطلق الظن؟
__________________
١. لاحظ الكفاية : ٢ / ٢٥ « هل قضية المقدمات على تقدير سلامتها هي حجّية الظن بالواقع أو بالطريق أو بهما؟ ».
٢. هداية المسترشدين : ٣٩١.