حدّ المحصورة واحتمال العقاب في واحد لا ينافي القطع بالعقاب في الجميع ، ففي هذه الصور الصغرى والكبرى محرزتان ، ففي ظل البيان الواصل يكون العقاب ، مقطوعه أو مظنونه أو محتمله واجب الدفع.
والعجب من المحقّق الخراساني حيث احتمل فيما إذا لم يكن في المورد بيان واصل ومع ذلك ظن بالحكم ، أن لا يحكم العقل بأحد الطرفين لا باستحقاق العقاب ولا بعدم استحقاقه ، ولأجل عدم حكمه بحسن واحد منهما ، يكون العقاب محتملاً ويستقل العقل بلزوم دفع العقاب مقطوعه ومظنونه ومشكوكه (١).
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره غير تام لوجهين :
أ : انّ العقل لا يتوقف في الحكم إذا كان الموضوع ممّا له به صلة.
ب : انّ في تجويز توقف العقل عن إصدار الحكم في الموضوع الذي هو المرجع فيه ، إبطالاً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان وكيف يحتمل العقاب مع عدم كون الظن حجّة والبيان غير واصل.
هذا كلّه إذا أُريد من الضرر في الصغرى العقوبة الأُخروية.
وأمّا إذا أُريد من الضرر ، المفاسد ، فقد أجاب عنه المحقّق الخراساني بوجهين :
الأوّل : انّ الظن بالتكليف يلازم الظن بالمصلحة أو المفسدة ، لأنّهما من الأُمور التكوينية ولا تأثير للعلم والجهل فيهما ، ولكن ليس كلّ مفسدة واجبَ الدفع. وذلك لأنّه ليس المراد منهما المصالح والمفاسد الشخصية ، بل المصالح والمفاسد النوعية ، والذي يستقل العقل بدفعه هو الضرر المظنون الشخصي ، لا النوعي ، ومثله المصلحة النوعية فليس في تفويتها أيّ ضرر شخصي ، بل ربما يكون في استيفائها مفسدة كما في الإنفاق بالمال.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١١٠ ـ ١١١.