عدم عقوبتهما كذلك ، أو عقوبة المخطئ دون المصيب أو بالعكس; والأوّل هو المطلوب ، والثاني والثالث خلاف المتفق عليه ، وأمّا الرابع فيلزم أن يكون العقاب والثواب منوطين بأمر خارج عن الاختيار.
أقول : نحن نختار الشقّ الرابع وهو عقاب المصيب دون المخطئ ، ولكن القبيح هو إناطة العقاب بأمر خارج عن الاختيار ، وأمّا إناطة عدم العقاب بأمر خارج عن الاختيار فليس بقبيح كما أوضحه الشيخ الأنصاري ، والحاصل نعاقب المصيب لأنّه شرب الخمر عن اختيار ، كما شربها في حالة الانفراد ، ولا نعاقب المخطئ لأنّه لم يشرب وإن كان عن لا اختيار. وبعبارة أُخرى : تحقّق سبب الاستحقاق في المصيب وهو مخالفته عن عمد ، وعدمه في الثاني ولو بلا اختيار.
الثاني : ما ذكره المحقّق الخراساني من شهادة الوجدان بصحّة مؤاخذته وذمّه على تجرّيه وهتك حرمة مولاه وخروجه عن رسم العبودية وكونه بصدد الطغيان والعزم على العصيان ، كما يشهد الوجدان على صحّة مثوبته على قيامه بما هو قضية عبوديته من العزم على موافقة القطع والبناء على طاعته.
أقول : إنّ موضوع البحث هو مخالفة الحجّة العقلية أو الشرعية لأجل غلبة الهوى على العقل ، والشقاء على السعادة وربّما مع استيلاء الخوف على المرتكب وعروض الارتعاش حينه ، فهل يستحق العقاب أو لا؟
وأمّا ضمّ عناوين أُخر إلى ذلك من الهتك والتمرّد ورفع علم الطغيان فكلّها أجنبيّة عن المقام ، ولا شكّ في استحقاق العقاب لو كان عمله مصداقاً للهتك ورمزاً للطغيان وإظهار الجرأة ، إلى غير ذلك من العناوين القبيحة.
والحاصل : انّ الإنسان ربما يرتكب ما يقطع بحرمته لا لأجل الطغيان وإظهار الجرأة وهتك الستر ، بل لما ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي الذي علمه إيّاه الإمام السجاد عليهالسلام حيث قال في مقطع من مناجاته معلّماً للداعي :