« إلهي لم أعصك حين عصيتُك وأنا بربوبيّتك جاحد ، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، لكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرّني سترك المرخى عليّ ».
أضف إلى ذلك انّه يستلزم تعدّد العقاب عند الإصابة لموجبين : أحدهما : العصيان ، والثاني : العنوان المشترك ( كالتمرّد والهتك و ... ) ؛ فقد اتفقوا على أنّ مجرّد مخالفة أمر المولى بلا عذر ( العصيان ) بأيّ داع كان مستلزم للعقوبة ، فإذا ضمّ إليه العنوان المشترك بينه وبين التجرّي يلزم تعدّد العقاب.
ثمّ إنّ صاحب الفصول تفصّى عن الإشكال بتداخل العقابين ، ومن المعلوم انّه لا يسمن ولا يغني من جوع ، لأنّه إن أراد من التداخل وحدة العقاب فيكون ترجيحاً بلا مرجح ، وإن أراد كثرة العقاب فليس تداخلاً.
الثالث : ما هو الملاك للعقاب في المعصية؟ فهناك احتمالات :
١. ذات المخالفة للأمر والنهي.
٢. تفويت غرض المولى.
٣. ارتكاب مبغوض المولى.
٤. كونه هتكاً لحرمة المولى وجرأة عليه وإن شئت قلت : المخالفة الاعتقادية.
ولا تصلح الثلاثة الأُولى ملاكاً للعقاب ، لوجودها في الجاهل المعذور إذا خالف ، فتعيّن الرابع ، وهو مشترك بين المعصية والتجرّي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الملاك للعقاب في المعصية أمر خامس غير موجود لا في المخالفة عن جهل ، ولا في التجري وهو مخالفة أمر المولى واقعاً عن عمد بلا عذر وهو مختص بالعصيان ، وأمّا غيرهما فالجزء الأوّل أي المخالفة في التجرّي غير
__________________
١. لمحقّق الاصفهاني : نهاية الدراية : ٢ / ٨.