الالتزام أو الالتزام بخلافه ، إلابوجه دائر ، وذلك لأنّ جريان الأُصول موقوف على عدم المحذور ، أي محذور عدم الالتزام بالواقع أو الالتزام بخلافه ، والثاني موقوف على جريان الأُصول.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني حاول أن يرد الدور الذي أورده على الشيخ بقوله : « اللّهمّ إلا أن يقال انّ استقلال العقل بالمحذور الخ. وحاصله : العلم بالحكم إنّما يكون علّة لوجوب الالتزام إذا لم يكن هناك ترخيص في الاقدام والاقتحام كما في صورة العلم التفصيلي ، وأمّا إذا كان هناك ترخيص كما هو ظاهر عموم أدلّة الأُصول فلا دور ، لأنّ جريان الأُصول موقوف على عدم المحذور ، والثاني موقوف على عموم الدليل في جانب الأُصول وهو متحقّق.
ثمّ إنّ للمحقّق الخراساني كلاماً في عدم جريان الأُصول في أطراف العلم يتلخص في أُمور ثلاثة :
أ. يشترط في جريان الأُصول العملية وجود الأثر العملي وهو معدوم لاتفاق العلماء على أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية فيجب الاجتناب عن الإناءين المشتبهين ، كما يجب الإتيان بالظـهر والجمعة ، فإذا كان الأمر كذلك فأي فائدة في جريان استصحاب الطهارة والبراءة في الأمثلة المذكورة.
والحقّ انّه إشكال تام.
ب. ما نقله عن الشيخ الأنصاري وقد ذكره قدسسره في خاتمة الاستصحاب (١) لا في رسالة القطع ، وهو انّ القول بجريان الأُصول كالاستصحاب يستلزم تناقض صدر الدليل مع ذيله ، فلو شمل قوله : « لا تنقض اليقين بالشك » كلا الاناءين الطاهرين وقد علم بوقوع النجاسة في أحدهما يلزم الحكم بطهارتهما ، ولكن بما انّ
__________________
١. الفرائد : ٤٢٩ ، مبحث الاستصحاب في الأصل السببي والمسببي إذا كان الشكّ مسبباً عن أمر ثالث ، طبعة رحمة اللّه.