الخمس إنما تعلق بالربح من حين وجوده ، ولا يتوقف تعلقه به على إكمال سنة التجارة ، غاية الأمر ان الشارع قد رخص المالك في التصرف في الأرباح إلى حين إكمال السنة ، وهذا مجرد ترخيص في التصرف من قبل الشارع في المال المشترك بينه وبين غيره ، فلا ينافي كون خمسها ملكا للغير.
فالنتيجة على ضوء هاتين الجهتين هي ان موضوع وجوب الزكاة يرتفع من حين تعلق الخمس بها ، وهو أول زمان تحققها وحصولها في الخارج ، سواء أتحقق الخطاب بإخراج الخمس في ذلك الزمان أم لم يتحقق ، فانه لا دخل لتحقق الخطاب وفعليته في ذلك أبداً ـ مثلا ـ في المثالين المتقدمين بمجرد ان المالك ملك أربعين شاة أثناء سنة التجارة ، أو عشرين شاة تعلق بها الخمس الموجب لخروجها عن كونها ملكاً طلقاً له بمشاركة غيره إياه فيها ، فبذلك تخرج عن موضوع وجوب الزكاة ، ضرورة انه بعد صيرورة أربع منها في المثال الأول ، وثمان منها في المثال الثاني ملكا لغير المالك لم يبق في ملكه ما يبلغ حد النصاب ، فيرتفع الموضوع من زمان حصول ذلك الربح وهو زمان ملك المالك أربعين أو عشرين شاة ، ولا يتوقف ارتفاعه على وجود الخطاب وتحققه أصلا ، بداهة ان الموجب لارتفاعه انما هو صيرورة خمس تلك الأرباح ملكا لغير المالك ، فانه يمنع عن بلوغها حد النصاب ، لا وجود الخطاب ، إذ الإلزام بالإخراج إنما يتحقق بعد مضي الحول وتمام السنة. نعم يستحب الإخراج من زمان الربح ، لا انه واجب.
٣ ـ ما إذا تعلق الخطاب بإخراج شيء زكاة ، فانه في بعض الموارد بنفسه وبصرف وجوده مانع عن وجوب الخمس ، ورافع لموضوعه ، وذلك كثيراً ما يتفق في الغلات الأربع ، كما إذا ملك المكلف أثناء سنة التجارة من الغلات مقداراً يبلغ حد النصاب فوجب عليه إخراج زكاته ، وهي مقدار عشر هذا المال ـ مثلا ـ فيخرج بذلك هذا العشر عن فاضل المئونة الّذي هو موضوع وجوب الخمس.