من الواضح جداً انه كما يحتمل ان يكون عدم الانطباق من جهة وجود المانع مع ثبوت المقتضى له يحتمل أن يكون من جهة عدم المقتضى وانتفائه لاحتمال اختصاص الملاك والمقتضى بالافراد غير المزاحمة للواجب المضيق أو الأهم ، ولا دليل على ترجيح الاحتمال الأول على الثاني. اذن لا دليل على ان الفرد المزاحم تام الملاك ولا قصور من ناحيته أصلا.
وان شئت فقل : ان اشتمال الفرد المزاحم على الملاك ليس امراً وجدانياً وبديهياً لئلا يخفى على أحد ولا يكون قابلا للشك والترديد. وعليه فدعوى القطع باشتماله على الملاك بدعوى حكم العقل بعدم الفرق بينه وبين غيره من الافراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها في غير محلها ، ضرورة ان العقل حاكم بالفرق وان الفرد المزاحم ليس كغيره من الافراد الباقية تحت الطبيعة المأمور بها.
وعلى الجملة حكم العقل بان فعلا ما مشتمل على الملاك منوط بأحد أمرين لا ثالث لهما ، الأول ـ ما إذا كان الشيء بنفسه متعلقاً للأمر ، فان تعلق الأمر به يكشف عن وجود ملاك فيه لا محالة. الثاني ـ ما إذا كان مصداقاً للمأمور به بما هو مأمور به. فانه يكشف عن انه واف بغرض المأمور به وواجد لملاكه ، واما إذا لم يكن هذا ولا ذاك فلا ملاك لحكمه أصلا. والفرد المزاحم في المقام كذلك ـ على الفرض ـ فانه ليس متعلقاً للأمر ولا مصداقاً للمأمور به بما هو مأمور به. اذن فلا يحكم العقل بان فيه ملاكا وانه واف بغرض المأمور به كبقية الافراد بل هو حاكم بضرورة التفاوت بينهما في مقام الامتثال والإطاعة كما هو واضح.
الثاني ـ ما عن جماعة من المتأخرين منهم شيخنا الأستاذ (قده) من ان سقوط اللفظ عن الحجية بالإضافة إلى مدلوله المطابقي لا يستلزم سقوطه عنها بالإضافة إلى مدلوله الالتزامي ، إذ الضرورة تتقدر بقدرها ، وهي تقتضي سقوط الدلالة المطابقية فحسب. اذن فلا موجب لرفع اليد عن الدلالة الالتزامية.
وبعبارة واضحة : ان الدلالة الالتزامية وان كانت تابعة للدلالة المطابقية في