الثاني ـ انا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا عدم اعتبار رجحان متعلق النذر في ظرف العمل في صحته وانعقاده وشمول أدلة وجوب الوفاء له ، وقلنا بكفاية رجحان متعلقه حين النذر ، وان لم يكن راجحاً حين العمل ، فمع ذلك لا يمكن الحكم بصحته في المقام لاشتراط صحته بعدم كون متعلقه مخالفاً للكتاب أو السنة ، وموجباً لترك الواجب أو فعل الحرام ، وبما ان متعلقه في مفروض الكلام يوجب في نفسه ترك الواجب باعتبار استلزامه ترك الحج فلا يمكن الحكم بصحته ووجوب الوفاء به وعليه فيقدم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر أو ما شاكله.
وعلى الجملة فلا مانع من فعلية وجوب الحج على الفرض غير وجوب الوفاء بالنذر ، وحيث انه مشروط بعدم كون متعلقه في نفسه محللا للحرام فلا يكون فعلياً في مفروض المقام ، ليكون مانعاً عن فعلية وجوب الحج ومزاحما له. وعلى هذا فلا محالة يكون وجوب الحج فعليا ورافعا لموضوع وجوب الوفاء بالنذر وملاكه ، وأما وجوب الوفاء به فلا يعقل ان يكون رافعاً لملاك الحج ، ضرورة ان فعليته تتوقف على عدم التكليف بالحج ، لئلا يلزم منه تحليل الحرام ، فلو كان عدم التكليف بالحج من ناحية فعلية وجوب النذر لزم الدور.
وهذا الّذي ذكرناه يجري في كل ما كان وجوبه مشروطا بعدم كونه محللا للحرام ، كموارد الشرط والحلف ، واليمين ، وما شابهها ، فعند مزاحمته مع ما هو غير مشروط به يقدم غير المشروط به ، ولو فرض انه أيضا مشروط بالقدرة شرعا.
ثم قال ـ قده ـ واما ما عن السيد ـ قده ـ في العروة من ان المعتبر هو ان يكون متعلق النذر راجحاً في طرف العمل ولو بلحاظ تعلق النذر به ، وبذلك صحح جواز نذر الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات فيظهر فساده مما قدمناه من ان المعتبر في صحة النذر وانعقاده هو كون متعلقه راجحا وغير موجب لتحليل الحرام في نفسه مع قطع النّظر عن تعلق النذر به ، الا لأمكن تحليل جميع المحرمات بالنذر