وفي الثاني : أنّه معارض مع ما مرّ بالإطلاق والتقييد ، فيحمل المطلق على المقيّد الموافق للكتاب.
وقد يردّ أيضا : باحتمال موصوفية « ما » المفيدة للعموم ، والإبدال من شيء ، فيفيد بمفهوم الشرط توقّف الإجزاء على مسح مجموع المسافة الكائنة بينهما (١).
وفيه : أنّ هذا الاحتمال موجب للاستيعاب في العرض ، وهو باطل ، إلاّ أن يتمّم بإلغاء ما خرج بالدليل ، وهو أيضا يوجب خروج الأكثر على كفاية المسمّى في العرض.
وأمّا عرضا : فالمسمّى ، وعليه الإجماع في المعتبر والمنتهى (٢) وظاهر التذكرة (٣) ، وهو في الأولين وإن كان على الاكتفاء ولو بإصبع واحدة ، ولكن المستفاد من استدلالهما إرادة المسمّى.
ثمَّ الدليل عليه : الأصل ، وصدق الامتثال ، وإطلاق الآية ، سيما بملاحظة صحيحة زرارة ، المفسّرة لها ، وفيها : « فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما » (٤). بل إطلاق صحيحتي الأخوين ، وفقد ما يصلح مخرجا ومقيدا ، إذ ليس شيء سوى صحيحتي الأخوين على جعل « ما » موصولة ، وهو مجرد احتمال غير كاف في الاستدلال.
وصحيحة البزنطي وحسنة عبد الأعلى ، وهما شاذّتان ، إذ لم يقل بمضمونهما أحد ، كما صرّح به جماعة (٥) ، فلذلك تخرجان عن الحجية.
مع أنّهما معارضتان : برواية معمّر بن عمر ، المتقدّمة (٦) في مسح الرأس ،
__________________
(١) حكاه في الحدائق ٢ : ٢٩٣ عن شيخه صاحب الرياض المسائل.
(٢) المعتبر ١ : ١٥٠ ـ ١٥٢ ، المنتهى ١ : ٦٣.
(٣) التذكرة ١ : ١٨.
(٤) الكافي ٣ : ٣٠ الطهارة ب ١٩ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٥٦ ـ ٢١٢ ، التهذيب ١ : ٦١ ـ ١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٦٢ ـ ١٨٦ ، الوسائل ١ : ٤١٢ أبواب الوضوء ب ٢٣ ح ١.
(٥) منهم الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح : ( مخطوط ) ، وصاحب الرياض ١ : ٢١.
(٦) ص ١١٢.