مع أنّهما معارضان مع صحيحتين أخريين آتيتين في ذلك البحث ، دالّتين على وجوب الانتقال إلى التيمم في مثل تلك الحال.
وأمّا التخصيص الثاني : فلمثل ما مرّ أيضا من عدم صلاحية ما ذكر لبيانه.
أمّا الإجماع : فلما عرفت.
وأمّا ما قبل الاستثناء من الصحيحة : فلأنّ الإسباغ غير الغسل ، بل هو نوع منه غير واجب إجماعا فتوى ونصا.
وأمّا الإطلاقات : فلعدم ثبوت تقييدها بحال الاختيار كما مرّ.
وإذ عرفت ضعف التخصيص فيحصل التعارض بين الإطلاقين بالعموم من وجه. والترجيح للأول ، لما مرّ من موافقة الكتاب والشهرة ، بل الإجماع ، لما عرفت من الاحتمال في كلام الشيخين (١) ، مع أنّه لولاه لكان المرجع إلى أصل الاشتغال واستصحاب الحدث.
وخلافا في الثاني لظاهر المدارك ، فإنّ ظاهره عدم صدق الغسل عرفا بمثل ذلك الجري (٢) ، وهو ظاهر الناصريات حيث قال ـ بعد ذكر وجوب فعل ما يسمّى غسلا ـ : وأما الأخبار الواردة بأنّه يجزئك ولو مثل الدهن ، فإنّها محمولة على دهن يجري على العضو ويكثر عليه حتى يسمّى غسلا ولا يجوز غير ذلك. انتهى (٣).
فإنّ الظاهر من قوله : ويكثر عليه ، اشتراط أكثر من هذا الجري ، فإنه لا يقال للقدر من الماء الذي ينتقل من جزء واحد : إنه يكثر عليه.
وهو الظاهر من الحلّي (٤) أيضا.
ودليلهم ـ كما أشير إليه ـ عدم صدق الغسل عرفا على مثله. وهو ممنوع كما
__________________
(١) المتقدم في ص ١٩٥.
(٢) المدارك ١ : ٢٣٥.
(٣) الناصريات « الجوامع الفقهية » : ١٨٨.
(٤) السرائر ١ : ١٠٠.