قواعد الشهيد ـ أنّه العنبري من العامة (١) ، وإن كان ظاهر المدارك (٢) وبعض من تأخر عنه (٣) الميل إليه ، لاستفاضة النصوص الدالّة على وجوب الطهارة مطلقا ـ الظاهر في النفسي ـ بحصول أحد نواقضها.
وفيه : أنّه إن أريد ظهور الوجوب بنفسه في النفسي فهو ممنوع ، لأنّ الوجوب هو مطلوبية الشيء حتما ، سواء كان مطلوبيته لأجل نفسه أو غيره.
فإن قيل : الغيري يحتاج إلى ملاحظة مصلحة الغير والأصل عدمها.
قلنا : النفسي أيضا يحتاج إلى ملاحظة مصلحة في ذلك الشيء.
فإن قيل : الأوّل يحتاج إلى ملاحظة الغير أيضا.
قلنا : غاية الأمر أنّه يكون في أحد الطرفين مخالف أصل ، وفي الآخر مخالفين ، ولا ترجيح عندنا حينئذ ، مع أنّ في النفسي أيضا يحتاج إلى ملاحظة حيثية نفس ذلك الشيء.
وإن أريد ظهور إطلاق الوجوب نحو قوله : إذا أحدثت توضّأ ، أو يجب عليك الوضوء ، فهو كذلك لو قلنا باختصاص الوجوب الغيري لشيء بوقت ذلك الغير وحال وجوب فعله كما هو المشهور إذ وجوبه الغيري حينئذ يوجب تخصيص ذلك الإطلاق بوقت أو حال هو وقت ذلك الغير ، والأصل عدمه :
وأمّا لو لم نقل بذلك ، وقلنا بوجوبه بعد وجوب ذلك الغير وإن لم يدخل وقته ـ كما اختاره الأردبيلي (٤) وجماعة ممّن تأخّر عنه (٥) وهو الحق ـ فليس كذلك ، إذ يكون الوضوء بعد الحدث حينئذ واجبا على المكلّف ، دخل وقت الصلاة أم لا ،
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ٦٥ ، قال : ذهب إلى ذلك القاضي أبو بكر العنبري وذكر محقق الكتاب في الهامش : لعل الصحيح أبو بكر العربي فراجع.
(٢) المدارك ١ : ١٠.
(٣) كالمحقق السبزواري في الذخيرة : ٢ ، والكفاية : ٢.
(٤) مجمع الفائدة ١ : ٦٧.
(٥) منهم صاحب المشارق : ٢٦.