وتحقيق المقام بعد بيان أمرين :
أحدهما : أنّه لا دلالة لاستحباب أمر عند ارتكاب آخر ثابت الكراهة على انتفائها بعد فعل ذلك المستحب بوجه من الوجوه.
ومن ذلك يظهر عدم كون الصحيحتين من أخبار المقام منافيتين للأخبار المتقدّمة أصلا ، غايتهما استحباب ما ذكر فيهما للجنب عند الأكل والشرب.
وثانيهما : أنّ المصرّح به في الأخبار أنّ كراهة الأكل والشرب للجنب إنما هي لأمرين : أحدهما : إيراثه الفقر. والآخر : إيجابه البرص. والمستفاد من روايتي السكوني والرضوي : انتفاء الثاني خاصة بفعل ما ذكر فيهما دون الأوّل أيضا ، ولازمه تخفيف الكراهة بفعله ، إذ تخفيف مرجوحية ما فيه جهتا مرجوحية بزوال إحداهما لا انتفائها رأسا. وعلى هذا فلا تعارض بين الروايتين وصحيحة الحلبي أيضا ، لأنّها تدلّ بمفهوم الغاية على انتفاء مطلق النهي بالتوضّؤ ، وهما تدلاّن على انتفاء خوف البرص بغسل اليد والمضمضة ، أو مع الاستنشاق أيضا.
نعم ، يعارض منطوق الرضوي المصرّح ببقاء ذلك الخوف قبل الثلاثة مطلقا ـ وإن غسلت يدك وتمضمضت ـ مع مفهوم رواية السكوني الدالّ على انتفاء الخوف بالأمرين مطلقا ـ سواء كان معهما الاستنشاق أم لا ـ بالعموم من وجه ، وإذ لا مرجّح فيرجع إلى أصالة بقاء الكراهة وعدم تخفيفها بدون الثلاثة.
ومن ذلك ظهر أنّ حق القول في المسألة انتفاء الكراهة بالوضوء وتخفيفها بغسل اليدين والمضمضة والاستنشاق.
وعن ظواهر الاقتصاد ، والمصباح (١) ، ومختصره ، والسرائر ، والنهاية (٢) ، وفي الشرائع (٣) : تخفيفها بالأخيرين ، من غير تعرّض للانتفاء بالوضوء.
__________________
(١) الاقتصاد : ٢٤٤ ، مصباح المتهجد : ٩.
(٢) السرائر ١ : ١١٨ ، النهاية : ٢١.
(٣) الشرائع ١ : ٢٧.