ولو سلّم ، فالأصل مع التداخل ، فلا يحتاج إلى الدليل. وأصل عدم التداخل ـ كما اشتهر بين جماعة ـ أصل غير أصيل ، خال عن التحقيق والتحصيل.
والثاني والثالث : بعدم اشتراط نية الوجه ولا قصد السبب ، ولو في الأغسال المندوبة ـ كما مرّ ـ بل يكفي قصد القربة.
والرابع : بأنّه إن أريد عدم صدق امتثال الأمر المستفاد من أخبار التداخل ، فممنوع. وإن أريد عدم صدق امتثال الأوامر المتعدّدة الواردة في كلّ غسل ، فمسلّم ولا ضير فيه ، إذ مقتضى التداخل كفاية واحد عن الجميع ، وكون المأمور به حينئذ أمرا واحدا قائما مقام الجميع ، بل مسقطا لغير الواحد ، فلا أمر بغيره حتى يطلب امتثاله.
بل نقول : إنّ مع قطع النظر عن أخبار التداخل ، لا دليل على تعدّد الأمر في صورة الاجتماع.
بيانه : أنه إذا قال الآمر : الجنابة سبب لوجوب الغسل ، والحيض سبب لوجوب الغسل ، فلا يمكن أن يكون المراد من الغسل المسبّب عند اجتماعهما معناه الحقيقي الذي هو المهية ، لأنه أمر واحد ، فلا يجب بإيجابين ، لاستلزامه تحصيل الحاصل ، بل اجتماع الوجوب والاستحباب في شيء واحد إذا اختلف الأمران وجوبا وندبا. فإمّا يراد من أحدهما فرد خاص من الغسل ، وهو الفرد المغاير لما تحقّقت المهية في ضمنه لامتثال الأمر ، أو يخصّص أحدهما بغير صورة الاجتماع ، ولكن الأول مستلزم لاستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، فتعيّن الثاني.
ومنه يعلم ما يرد على الخامس أيضا. فإنّه إذا قال : الجنابة سبب لوجوب الغسل ، والتوبة لاستحبابه ، لا يمكن أن يراد بهما شيء واحد في صورة الاجتماع ، لاستلزامه اجتماع الوجوب والاستحباب في شيء واحد ، وهو محال ولو من جهتين. [ ولا شيئان ] (١) متغايران ، لاستلزامه استعمال لفظ واحد في استعمال واحد في
__________________
(١) في النسخ : ولو شيئان ، والصواب ما أثبتناه.