ولأجل ذلك وإن لم يمكن الاستناد في التعيين إلى قوله ثانيا أيضا وأمكن حمله على الاكتفاء في التفصيل بأحد فردي التخيير دون الانحصار كما ذكره والدي ـ رحمهالله ـ في اللوامع ، ولكن لاتّفاق الفقرتين على جواز السبع يكون جواز التحيّض بها قطعيا ، وغيرها مشكوكا فيه ، فينفى التعبّد به بالأصل.
خلافا في المبتدأة بقسميها لكثير من علماء الفرقة ، فإنّ لهم فيهما أقوالا متكثرة تتجاوز عن العشرة ، أكثرها عن الحجة خال بالمرة ، وحجّة ماله حجّة منها للاستناد غير صالحة :
كالقول بتحيّضهما مطلقا بالثلاثة (١) ، لأصالة عدم الزيادة ، واستصحاب لزوم العبادة ، وأصالة الطهارة ، فإنّ جميع تلك الأصول بما مرّ مندفعة ، ومع ذلك باستصحاب الحيض بعد التحيّض بالثلاثة معارضة.
وبتحيّضها في كلّ شهر بالعشرة ، كما ذهب إليه بعضهم (٢) ، أو بالتحيّض عشرة والتطهّر عشرة ، كما حكي عن بعض آخر (٣) ، للقاعدة التي هي على ألسنتهم جارية من حيضية كلّ ما يمكن أن يكون حيضا ، فإنّك قد عرفت أنّ تلك القاعدة غير ثابتة.
وبتحيّضها بالثلاثة إلى العشرة مع أفضلية العشرة في الدور الأول والثلاثة في غيره ، ثمَّ أفضلية السبعة أو الستة في كلّ دور.
اختاره والدي العلاّمة ـ رحمهالله ـ استنادا في الجزء الأول إلى موثّقة سماعة ، المتقدّمة (٤). وفي الثاني إلى موثّقتي ابن بكير ، السابقتين (٥). وفي الثالث إلى التخيير المذكور أولا في المرسلة (٦) ، بحمل الأولى على الجواز ، والثانية على الأفضلية ، لعدم
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢١٠.
(٢) قد يظهر هذا من الفقيه ١ : ٥١ كما نسبه في مفتاح الكرامة إلى مذهب الصدوق وظاهر السيد.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، ونسبه في كشف اللثام ١ : ٨٩ الى موضع من المبسوط أيضا.
(٤) في ص ٤١٨.
(٥) في ص ٤١٩.
(٦) يعني مرسلة يونس الطويلة المتقدم مصدرها ص ٤١٩.