نسب في شرح القواعد القول بالوجوب إلى الندور (١) ، بل يظهر من بعض مشايخنا المحقّقين (٢) الإجماع على عدمه ، للأخيرة الظاهرة في الاستحباب ـ لمكان لفظ « ينبغي » ـ المعارضة لما تقدّم عليها ، الراجحة عليها من جهة الشهرة العظيمة.
مضافا إلى عدم دلالة الثلاثة السابقة عليها على الوجوب ، وضعف الاثنتين المتقدّمتين عليها الخاليتين عن الجابر ، فلم يبق إلاّ الأولى المتعيّن حملها على الاستحباب ، لما مرّ.
الحقّ هو الثاني. لا لما ذكر ، لعدم صراحة لفظ « ينبغي » في الاستحباب وإن لم تكن مفيدة للوجوب أيضا كما قيل (٣) ، بل مفادها الرجحان الغير المنافي لشيء منهما.
بل للمروي في الدعائم ، عن مولانا الباقر عليهالسلام ، المنجبر ضعفه بما ذكر : « إنا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضّأن عند كلّ صلاة فيسبغن الوضوء ويحتشين بخرق ، ثمَّ يستقبلن القبلة من غير أن يفرضن صلاة ، فيسبّحن ويكبّرن ويهلّلن ، وإنّما يؤمرن بذكر الله ترغيبا في الفضل واستحبابا له » (٤).
وبه تعارض الحسنة (٥) ، ويرجع إلى أصل نفي الوجوب.
واختصاص الاستحباب بالذكر لا يضرّ ، لعدم الفصل ، إلاّ أن يمنع أحد ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ الاستحباب ، وحينئذ تكون تلك الرواية أيضا دالّة على الوجوب. ولا ينبغي ترك الاحتياط.
ثمَّ ظاهر الأكثر تأدّي الواجب أو المستحب بمطلق الذكر ، لإطلاق كثير
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ٣٢٩.
(٢) قال الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك : ٦٧ ما لفظه : والفقهاء اتفقوا على عدم الوجوب.
(٣) قال في الحدائق ٣ : ٢٧٣ .. وربما استعمل في الوجوب والتحريم بل هو الغالب في الاخبار ..
(٤) تقدم مصدره في ص ٤٦٤.
(٥) أي حسنة زرارة. وقد تقدمت في صدر المسألة معبّرا عنها بالصحيحة.