يحتمل أن يكون مراده أنّ الله علّة للإيجاب ، أو إطاعة أمره علّة له.
قيل : لو قال المولى لعبده : أعط الحاجب درهما ليأذن لك ، فأعطاه لا لأجل ذلك ، بل لغرض آخر ، لم يكن ممتثلا ولا آتيا بما أمره به مولاه ، إذ الامتثال العرفي لا يتحقق إلاّ بقصد ما هو مطلوب الآمر ، وأنّ ارتكابه لأجل أنّ الآمر أمره لا لغيره ، ولو أتى به لا لأمره لا يمتثل البتّة (١).
قلنا : لا شك أنّه لو أعطى لا لأجل أنّ مولاه أمره ، لم يكن ممتثلا ، وليس الكلام فيه ، بل فيما إذا أعطى لأجل أنّه أمره مولاه من غير قصد أنه لأجل الإذن بل ذاهلا عنه.
ولا نسلّم عدم الامتثال حينئذ ، بل هو ممتثل آت بما أمره به مولاه إلاّ إذا علم يقينا أنّه أراد الإعطاء بقصد الإذن.
والمناسب للمقام ما إذا قال المولى أعطه درهما ليأذن لك ، ودرهما ليحفظ دابتك ، فأعطى الدرهمين لأجل أمر المولى من غير قصد العلّتين ، إما للذهول والغفلة أو لنسيان العلّة ، فإنّه يعدّ ممتثلا قطعا ، ولو أعطى درهما من غير قصد ، امتثل أحد الأمرين ، مع أنّه فرق بين قوله : أعطه ليأذن لك ، وإذا أردت الإذن فأعطه درهما ، وما نحن فيه من الثاني.
قيل : فرق بين أن يقول : لا بدّ من الوضوء حال الصلاة ، وأن يقول : إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ ، ولذا يفيد الثاني التكرار بتكرار الصلاة دون الأوّل (٢).
قلنا : الفرق بينهما من الجهة التي كلامنا فيها ممنوع جدا ، وأما إفادة الثاني للتكرار فلأجل دلالة الفعل على التجدّد ، ولذا لو قال : لا بدّ أن يتوضأ حين الصلاة ، يفيده ، بل وكذا لا بدّ من الوضوء إذا أخذ بالمعنى المصدري.
واستدلّ الثاني بما مر أيضا بضميمة اتحاد مئال الاستباحة ورفع الحدث.
__________________
(١) شرح المفاتيح : ( مخطوط ).
(٢) شرح المفاتيح : ( مخطوط ).