فيما يشترط به من نحو النية (١). وطعن ثالث (٢) بأكثر الفقهاء الذين يبحثون عن أول وقت النية وبمن يحصرها بين حاصرين (٣). ورابع : بأنّ اشتراط المقارنة إنّما هو على مذاق الموجبين للإخطار على ما هو الحري بالاعتبار (٤).
ونحن نقول لحسم مادة الإشكال : إنّه مما لا شك فيه أنّ حصول تلك الحالة الداعية ـ التي تسمى مع عدم الالتفات إليها بالنية الحكمية ـ موقوف على التصورات المذكورة ، وبقاءها على الاشتغال بالعمل نفسه أو بمقدماته ، ولا يمكن بقاؤها بدون ذلك ، فلو لم يشتغل بشيء منها ولم يحضر التصورات لم يمكن بقاء الحالة ، ولذا ترى أنّ من تصوّر زيدا في يوم وتصوّر بيته ولقاءه والذهاب إلى بيته للقائه ، وحصلت في نفسه حالة باعثة على الذهاب غدا إلى بيته للقائه ، فلا يمكن ذهابه في الغد إلاّ بتجديد التصورات ، ولو ذهل عنها بالكلية واشتغل قلبه بأمر آخر امتنع منه الذهاب ، بخلاف من اشتغل بالذهاب فإنّه يذهب مع الذهول عن زيد وبيته ، بل عن ذهابه لو لم يقصد غيره مما ينافيه.
وهذا هو السر فيما ترى من أنّك تقصد اشتغال أمر في الغد وتتركه للذهول عمّا قصدت ، وإذا اشتغلت به لا تتركه وإن ذهلت عنه.
وتوهم إمكان بقاء الحكمية بدون الاشتغال أيضا فاسد جدّا ، فإنّ من يقصد قبل الزوال الوضوء بعد الزوال ، ثمَّ يشتغل بأمر آخر لا يمكن أن يتوضّأ بعد الزوال إلاّ بشعوره بالوضوء وبفعله.
ولعل السرّ في ذلك احتياج الباقي في البقاء إلى المؤثر ، فمع الاشتغال يكون هو المؤثّر في البقاء ، بمعنى أن التصوّرات علة لحدوث الحالة وهي للاشتغال بأول
__________________
(١) يستفاد هذا الإشكال من مشارق الشموس : ٩٣.
(٢) الحدائق ٢ : ١٧٤.
(٣) إشارة الى ما ذكره العلامة وغيره : نية الصلاة يجب أن تكون محصورة بين الألف والراء في تكبيرة الإحرام ( منه ره ).
(٤) كما في شرح المفاتيح ( مخطوط ).