مضافا إلى أنّ المسلّم من العادة لو كانت إنّما هي عدم تماميّة جميع شهور السنة ، وأمّا كون شهر تامّا وشهر ناقصا ـ حتى يقع أول المستقبل مضيّ الخمس من الماضي ـ فلم تثبت فيه عادة أصلا ، بل يمكن أن يكون الرابع أو الثالث.
فإن قيل : العادة المقطوعة بها وإن لم تكن حاصلة بالنسبة إلى عدد الخمسة ، إلاّ أنّا نعلم قطعا عاديّا أنّ جميع شهور السنة لا تكون تامّة ، فمع تغيّم الشهور كلّها يعلم قطعا أنّ عدّ الكل ثلاثين مخالف للواقع ، فكيف يعدّ كذلك؟! قلنا : هذا إنّما يرد لو كان العمل بالثلاثين للأصل والاستصحاب ، فإنّهما لا يجريان مع القطع المذكور ، وأمّا لو كان لأجل الروايات فلا يرد ذلك ، لأنّ مدلولها أنّ الشهر حينئذ ثلاثين ، سواء كان الهلال قبله في الواقع أو لا ، فيكون اعتبار الهلال مع إمكان رؤيته ، وبدونه يكون الاعتبار بالثلاثين ، وإن أمر بالقضاء لو ظهر الخطأ قبله فإنّه إنّما هو للأمر الجديد.
وخلافا في الثالث للمحكيّ عن ظاهر الفقيه (١).
وفي الرابع له (٢) وللمحكيّ عن المقنع (٣) ، ومال إليه في الذخيرة ونسبه إلى ظاهر بعض المتأخّرين ، فجعلوه فيهما لليلتين (٤).
وفي الخامس للمقنع ورسالة والد الصدوق ، فجعلاه لثلاث ليال (٥).
كلّ ذلك لدليل الاعتبار والأخبار ، كصحيحة مرازم : « إذا تطوّق الهلال
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٨٠.
(٢) الفقيه ٢ : ٧٨.
(٣) المقنع : ٥٨.
(٤) الذخيرة : ٥٣٣.
(٥) المقنع : ٥٨ ، نقله عن والد الصدوق في المختلف : ٢٣٥.