بخلاف بيوت المجوس التي ليس في نصوصها شيء مثل ذلك ، فصح حينئذ للأصحاب الفرق بين المقامين كما لا يخفى على من لاحظها مع التأمل ، ولا يقدح فيه الجواب عن الجميع بالأمر بالرش في الخبر المزبور ، لأنه يمكن دعوى ندبية الرش في الجميع وإن كان مع ذلك رافعا للكراهة في بيوت المجوس ، بل لا مانع في الجمع المزبور وإن لم نقل بذلك أيضا ، ومن أبى ذلك كله كان لا بأس عليه بالتزام الكراهة فيها أيضا لذلك كما عن المراسم والإصباح والمهذب والإشارة والدروس والبيان ، بل هو من المندرج في إجماع الغنية على الكراهة في معابد أهل الضلال ، ولتساوي الاحتمالين لم يرجح في المحكي عن الذكرى ، وقد اتضح بحمد الله الوجه في المسألة.
كما انه اتضح مما ذكرنا ان المتجه على تقدير الكراهة ارتفاعها بالرش كما سمعته سابقا ممن عرفت ، وانه نسبه في المدارك إلى قطع الأصحاب ، أما احتمال التجفيف أو التخصيص بحال الاضطرار فلم أقف على ما يشهد له من النصوص ، كما أنه ليس فيها مراعاة الجفاف إلا أنه قد يكون للتجنب عن النجاسة ، بل هو أولى مما قبل الرش ، لكن قد يناقش بأن المستفاد من النصوص زوال النفرة من جهة احتمال النجاسة بالرش من غير تقييد بالجفاف ، فلعله به دونه لم يبق لاحتمال النجاسة حينئذ أثر ، بل لو لا إطباق الأصحاب ظاهرا هنا على كون التجنب لاحتمال النجاسة أمكن حمل النصوص على إرادة الأمر بالأشد لرفع الوسوسة على معنى الاذن في الصلاة مع الرش الذي هو مظنة التعدي فضلا عن غيره ، بل ربما كان في صحيح الحلبي (١) إيماء إليه ، قال : « سئل الصادق عليهالسلام عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء قال : لا بأس به » إلا أنه للاتفاق المزبور وجب إرادة المعنى المزبور من الرش.
ثم إن الظاهر المنساق إلى الذهن من بيوت المجوس دورهم من غير فرق بين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ١.