هذا التقدير أحد الوجوه الثلاثة الذي هو الاختلاف باختلاف الأزمنة أو الأمكنة أو الأحوال حتى أنه لو فرض تعارف أكل نبات مدة من الزمان ثم تعارف عدمه تبعهما الجواز وعدمه في ذلك ، ولو كان في قطر دون الآخر جاز لأهل أحدهما دون الآخر ، ولو فرض اتفاق مرور أهل أحدهما بالآخر ففي كون المدار على الأرض أو الشخص وجهان ، حتى لو فرض اعتياده كأهل القطر في الأكل وعدمه ، إلى غير ذلك من الأحكام التي لا يخفى على من له أدنى درية في الفقه فسادها ، فما في التذكرة ـ « لو كان معتادا عند قوم دون آخرين عم التحريم » وجامع المقاصد « المراد بالمأكول ما صدق عليه اسم المأكول عرفا لكون الغالب أكله ولو في بعض الأقطار ـ إلى أن قال ـ : ولو أكل شائعا في قطر دون غيره فهو مأكول على الظاهر إذ لا يطرد أغلبية أكل شيء في جميع الأقطار ، فإن الحنطة مثلا لا تؤكل في بعض البلاد إلا نادرا » ونحوه في فوائد الشرائع والمسالك والمدارك وغيرها ، مع احتمال اختصاص كل قطر بمقتضى عادته قويا في الأخير تبعا للمحكي عن مقاصد جده ومجمع أستاذه ـ إن أريد به ما ذكرنا فمرحبا بالوفاق ، وإلا كان للنظر فيه مجال ، كالمحكي عن السيد عميد الدين من أن المراد بالعادة العادة العامة ، فلو كان معتادا في بلد دون آخر ففيه وجهان ، أرجحهما جواز السجود ، وإلا فالبلاد الواحدة لا عبرة بها قطعا ، ولذا فرض موضوع المسألة القطر في كلام من عرفت ، وإن كان التحقيق عدم العبرة بكل منهما ، فإن المأكولية لا تتوقف على شيء منهما ، فان المخلوقات للأكل معلومة لسائر الناس ، بل فطرت طبائعهم على معرفتها ، واتفاق عدم استعمال جملة من الناس لجملة منها استغناء منهم بغيرها مما هو أطيب منها لا يرفع وصف استعدادها للأكل ، وأنها مما خلقت واستعدت له ، كما أن أكل جملة من الناس لبعض النباتات في زمن الربيع أو غيره لا يصيرها منها ، ولعل منه أكل أصول البردي عند السواد.