وأما الاستدلال بقاعدة الإطلاق والتقييد في المندوبات ففيه أنه بعد تسليمها حتى في مثل المقام الذي هو من بيان الكيفية ولم يعلم استحباب المطلق فيه وإن لم يكن بعنوان الخصوصية يجب الخروج عنها هنا بما عرفته مما هو موافق لفتاوى الأصحاب عدا النادر ، وخبر المسائل (١) مع احتماله السهو وعدم الجابر له لا يستلزم جواز الترك ابتداء قطعا
ومن ذلك كله ظهر لك وجه النظر في الأدلة المزبورة ، كما انه ظهر لك شدة ضعف القول بالندب ، خصوصا مع ملاحظة المعلوم من حال المتشرعة من شدة الإنكار على الصلاة الى غير القبلة مع الاختيار والاستقرار ، بل هو الفارق عندهم بين الإسلام والكفر
نعم قد يستثنى من ذلك النافلة حيث تجوز راكبا وماشيا ، فلا يشترط فيها الاستقبال حتى في تكبيرة الإحرام منها من غير فرق بين السفر والحضر ، لإطلاق النصوص (٢) المستفيضة في الأول ، سيما مع غلبة عدم التمكن من الاستقبال حال الصلاة عليها ، وخصوص صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (٣) « سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلي النوافل في الأمصار وهو على دابته حيث ما توجهت به قال : لا بأس » وخبر إبراهيم الكرخي (٤) عن أبي عبد الله (ع) قال له : « اني أقدر أن أتوجه نحو القبلة في المحمل فقال : ما هذا الضيق ، أما لكم في رسول الله (ص) أسوة » وخبر الحلبي (٥) « سأل أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة على البعير والدابة فقال : نعم حيث كان متوجها ، وكذلك فعل رسول الله (ص) » والمروي عن قرب الاسناد عن محمد ابن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم عن حماد بن عيسى (٦) قال :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٣ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٧.
(٢) الوسائل ـ الباب ١٥ من أبواب القبلة.
(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ من أبواب القبلة الحديث ١.
(٤) الفقيه ج ١ ص ٢٨٥ من طبعة النجف.
(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ من أبواب القبلة الحديث ٦.
(٦) الوسائل الباب ١٥ من أبواب القبلة الحديث ٢٠.