على أن الجمع بين النصوص بالتقييد أولى من الجمع بالندب.
لكن لا يخفى عليك انقطاع الأصلين بما عرفت ، وكون التقييد في الأول في كلام السائل ، والتعبير في الثاني بلفظ « لا يصلح » الذي هو أعم من الحرمة بل قيل بظهوره في الكراهة حاكيا له عن المتأخرين كافة ، بل عن الشيخ في الاستبصار التصريح بصراحته فيها ، وحينئذ يكون دليلا للمطلوب لا عليه ، والمناقشة المزبورة مجرد دعوى لا شاهد لها ، خصوصا في ذوي الأمكنة القريبة ونحوهم ممن لا مشقة عليهم في العود ، كل ذلك مضافا الى الانجبار بالشهرة العظيمة إلا انه مع ذلك كله والاحتياط لا ينبغي تركه.
ثم انه قد يستفاد من نحو إطلاق العبارة عدم اعتبار استمرار النسيان الى أن يرجع الى أهله في الاستنابة المزبورة ، بل ينبغي الجزم به مع التعذر أو التعسر قبل ذلك ، أما مع عدمهما فلا يبعد ذلك أيضا وإن كان السؤال في النصوص المزبورة مقيدا بالرجوع إلى أهله ، ومقتضاه بقاء غيره على أصالة المباشرة ، إلا أنه بمعونة إطلاق الفتوى التي بها يخرج المعارض عن المقاومة كي يتجه التقييد خصوصا مع ظهور لفظ « لا يصلح » في الكراهة قد يقوى عدم إرادة التقييد منه ، نعم مع فرض القرب من مكة وعدم المانع له يرجع بنفسه.
وعلى كل حال فظاهر ما سمعته من النص والفتوى وجوب قضائه وإن كان قد طاف طواف الوداع ، مضافا الى كونه مستحبا فلا يجزي عن الواجب ، لكن قال الصادق عليهالسلام في خبر إسحاق (١) « لو لا ما من الله به على الناس من طواف الوداع لرجعوا الى منازلهم ولا ينبغي لهم أن يمسوا نساءهم » بل عن علي بن بابويه الفتوى بذلك إلا انه قاصر عن المعارضة من وجوه ، خصوصا مع
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الطواف ـ الحديث ٣.