الى المحدث المعروف « عبد الله بن موسى » وطلب منه أن يرشده في هذا الامر ، فكتب إليه عبد الله بن موسى الحديث المذكور الذي يوضح شأن نزول هذه الآية ، فاعاد المأمون فدكا الى أبناء الزهراء ، وذريتها (١) فكتب الخليفة العباسي إلى واليه على المدينة يومذاك بأن رسول الله صلىاللهعليهوآله وهب فدكا لابنته فاطمة الزهراء ، وهذا أمر مسلم ، ولا خلاف فيه بين ابناء الزهراء.
وقد جلس المأمون ذات يوم على كرسي خاص للاستماع إلى مظالم الناس وشكاياتهم ، فكانت أول ما أعطي له ، رسالة وصف صاحبها نفسه فيها بأنه يدافع عن الزهراء ، فقرأ المأمون الرسالة وبكى مدة ، ثم قال : من هو المحامي عن الزهراء؟ فقام شيخ كبير ، وقال : أنا هو ذا ، فانقلب مجلس المأمون من مجلس القضاء الى مجلس حوار ومناظرة بين المأمون وبين ذلك الشيخ ، وأخيرا وجد المأمون نفسه مغلوبا محجوجا فأمر رئيس ديوانه بان يكتب كتاب ردّ فدك إلى ابناء الزهراء ، فكتب ذلك الكتاب ، ووشحه المأمون بتوقيعه ، وفي هذه المناسبة قام دعبل الذي حضر ذلك المجلس وأنشأ شعرا هذا مطلعه :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
|
بردّ مأمون هاشم فدكا (٢) |
وليس الشيعة بحاجة ـ في اثبات ان فدكا كان ملكا طلقا وخالصا للزهراء فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الدلائل المذكورة ، لأن الصدّيق الاكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام قد صرّح بمالكيته بفدك في إحدى رسائله الى واليه على البصرة عثمان بن حنيف اذ قال :
« بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله » (٣).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ٤١١ عند تفسير قوله تعالى : « « وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ » الاسراء : ٢٧ فتوح البلدان ص ٤٦
(٢) شرح ابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢١٧.
(٣) نهج البلاغة : الكتاب ٤٥.