.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : أن مورد الصحيحة هو الجماع وله أحكام خاصّة في باب الحج ، وكيف يمكن التعدي منه لمطلق الحدث.
وممّا ذكرنا يظهر أن ما دلّ على الصحّة أو الفساد فيما إذا حدث الحيض في الأثناء خارج عن محل الكلام ، لأنّ حدوث الحيض في الأثناء يوجب الفصل الطويل ولا أقل بثلاثة أيّام ، فلا يمكن الاستدلال بذلك للحدث الصادر في الأثناء ، فلا دليل لمذهب المشهور إلّا مرسل ابن أبي عمير على ما رواه الكليني ، ومرسل جميل على ما رواه الشيخ عن أحدهما (عليهما السلام) «في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : يخرج ويتوضأ ، فان كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقل من النصف أعاد الطّواف» (١).
والمرسلة صريحة في مذهب المشهور ولكنّها ضعيفة بالإرسال ، وقد ذكرنا كثيراً أنّه لا عبرة بالمراسيل وإن كان المرسل مثل جميل أو ابن أبي عمير ، فأدلّة المشهور كلّها ضعيفة ، ولكن مع ذلك ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح والوجه في ذلك :
أن حدوث الحيض أثناء الطّواف وإن كان نادراً جدّاً ولكن مع ذلك كثر السؤال عنه في الروايات ، وأمّا صدور الحدث خصوصاً من المريض والشيخ والضعيف كثيراً ما يتحقق في الخارج لا سيما عند الزحام ، ولا سيما أنّ الطّواف يستوعب زماناً كثيراً ومع ذلك لم ينسب القول بالصحّة إلى أحد من الأصحاب ، بل تسالموا على البطلان وأرسلوه إرسال المسلمات ، وهذا يوجب الوثوق بصدور الحكم بالبطلان من الأئمة (عليهم السلام) ولو لم يكن الحكم به صادراً منهم (عليهم السلام) لخالف بعض العلماء ولو شاذاً ، فمن تسالم الأصحاب وعدم وقوع الخلاف من أحد مع أنّ المسألة مما يكثر الابتلاء به نستكشف الحكم بالبطلان ، فما هو المعروف هو الصحيح.
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٣٧٨ / أبواب الطّواف ب ٤٠ ح ١ ، الكافي ٤ : ٤١٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٤.