خير».
ولمّا وصف نفسه بالملك والعزّة ، ووازن بينه وبين موسى عليهالسلام ، ووصفه بالضعف وقلّة الأعضاد ، اعترض فقال :
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) أي : فهلّا إن كان صادقا ألقى الله عليه مقاليد الملك وسوّده وسوّره ، إذ كانوا إذا سوّدوا رجلا سوّروه وطوّقوه بطوق من ذهب. وأساور (١) جمع أسورة ، جمع سوار. وقرأ يعقوب وحفص : أسورة. (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) مقرونين يعينونه ، أو يصدّقونه. من : قرنته به فاقترن. أو متقارنين ، من : اقترن بمعنى : تقارن.
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) فطلب منهم الخفّة ، وحملهم على أن يخفّوا له في مطاوعته. أو فاستخفّ أحلامهم. (فَأَطاعُوهُ) فيما أمرهم به (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) فلذلك أطاعوا ذلك الفاسق.
(فَلَمَّا آسَفُونا) أغضبونا بالإفراط في العناد والعصيان. منقول من : أسف إذا اشتدّ غضبه. (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) أي : لمّا أفرطوا في المعاصي والعدوان ، فاستوجبوا أن لا نحلم عنهم ، فنعجّل لهم عذابنا وانتقامنا. ومعنى غضبه على العصاة إرادة عقابهم ، كما أن رضاه عن المطيعين إرادة ثوابهم الّذي يستحقّونه على طاعاتهم. وقيل : معناه آسفوا رسلنا ، لأنّ الأسف بمعنى الحزن لا يجوز على الله تعالى. (فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) في اليمّ ، ما نجا منهم أحد.
(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) قدوة لمن بعدهم من الكفّار يقتدون بهم في استحقاق مثل عذابهم. مصدر نعت به. أو جمع سالف ، كخدم وخادم. وقرأ حمزة والكسائي بضمّ السين واللام جمع سليف ، كرغيف ورغف ، أو سالف كصابر وصبر ، أو سلف كخشب وخشب. والمعنى : وجعلناهم متقدّمين إلى النار. (وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) عبرة
__________________
(١) أي : في قراءة : أساور.