الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢))
ثمّ قال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا) بعقاب ما عملوا من السوء ، أو بمثله ، أو بسبب ما عملوا من السوء. وهو علّة لما دلّ عليه ما قبله ، أي : خلق العالم وسوّاه ليجزي الّذين أساؤا السّوأى ، وهي النار. (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) بالمثوبة الحسنى ، وهي الجنّة. أو بأحسن من أعمالهم ، أو بسبب الأعمال الحسنى.
ثمّ وصف الّذين أحسنوا بقوله : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) محلّه إمّا النصب على الصفة أو المدح ، أو الرفع على أنّه خبر محذوف. وكبائر الإثم ما يكبر عقابه من الذنوب. وهو ما رتّب عليه الوعيد ، ولا يسقط عقابه إلّا بالتوبة. وقرأ حمزة والكسائي : كبير الإثم ، على إرادة الجنس أو الشرك. (وَالْفَواحِشَ) ما فحش من الكبائر خصوصا ، كأنّه قال : خصوصا والفواحش منها (إِلَّا اللَّمَمَ) إلّا ما قلّ وصغر ، فإنّه مغفور من مجتنبي الكبائر.
قال الحسن والسدّي : اللمم هو أن يلمّ بالذنب مرّة ثمّ يتوب منه ولا يعود.
وهو اختيار الزجّاج ، لأنّه قال : اللمم : هو أن يكون الإنسان قد ألمّ بالمعصية ولم يقم على ذلك. ومنه : ألمّ بالمكان إذا قلّ فيه لبثه ، وألمّ بالطعام قلّ منه أكله.
وعن أبي سعيد الخدري : اللمم هي : النظرة ، والغمزة ، والقبلة. وعن الكلبي : كلّ ذنب لم يذكر الله عليه حدّا ولا عذابا. والاستثناء منقطع ، أو صفة كقوله : (لَوْ