والمراد نفي أن يكون لهم حجّة البتّة. فسمّيت حجّة على سبيل التهكّم.
وإنّما لم يجبهم الله إلى ذلك ، لأنّهم إنّما قالوا ذلك متعنّتين مقترحين ، لا طالبين الرشد. ولهذا خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رادّا عليهم قولهم بقوله : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) في دار الدنيا ، لأنّه لا يقدر على الإحياء أحد سواه (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) بأن يبعثكم ويعيدكم أحياء (لا رَيْبَ فِيهِ) لقيام الحجّة على أنّ من قدر على فعل الحياة في وقت ، قدر على فعلها في كلّ وقت. فلمّا كان يقدر على الإبداء ، فلا ريب أنّه يقدر على الإعادة ، بل كانت أهون عليه من الإبداء. وأيضا الحكمة اقتضت الجمع للمجازاة على ما مرّ مرارا ، والوعد المصدّق بالآيات دلّ على وقوعها ، وإذا كان كذلك أمكن الإتيان بآبائهم ، لكنّ الحكمة اقتضت أن يعادوا يوم الجمع للجزاء.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لقلّة تفكّرهم ، وقصور نظرهم على ما يحسّونه.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ