الإنس (وَلا جَانٌ) أريد به : ولا جنّ ، أي : ولا بعض من الجنّ ، فوضع الجانّ الّذي هو أبو الجنّ موضع الجنّ ، كما يقال : هاشم ويراد به ولده.
والمعنى : لا يسأل عصاة الإنس والجنّ ، لأنّهم يعرفون بسيماهم ، وذلك حينما يخرجون من قبورهم ويحشرون إلى الموقف ذودا ذودا (١) على اختلاف مراتبهم.
وأمّا قوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ) (٢) (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٣) فحين يحاسبون في المجمع. قال قتادة : قد كانت مسألة ثمّ ختم على أفواه القوم ، وتكلّمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
وقيل : معناه : لا يسأل عن ذنبه ليعلم من جهته ، ولكن يسأل سؤال توبيخ.
وروي عن الرضا عليهالسلام أنّه قال : «فيومئذ لا يسأل منكم عن ذنبه إنس ولا جان».
والمعنى : أنّ من اعتقد الحقّ ثمّ أذنب ولم يتب في الدنيا عذّب عليه في البرزخ ، ثمّ يخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسأل عنه.
والضمير للإنس باعتبار اللفظ ، فإنّه وإن تأخّر لفظا تقدّم رتبة. وتوحيد ضمير الإنس لكونه في معنى البعض.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي : ممّا أنعم الله على عباده المؤمنين في هذا اليوم.
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) بعلامتهم من سواد الوجه وزرقة العيون ، ومن الكآبة والحزن (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) مجموعا بينهما ، أي : فتأخذهم
__________________
(١) ذاده ذودا : دفعه وطرده.
(٢) الحجر : ٩٢.
(٣) الصافّات : ٢٤.