وحسنهنّ وكمالهنّ. ولذلك عقّبه بقوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) أي : ابتدأنا خلقهنّ ابتداء جديدا من غير ولادة ، إبداء أو إعادة.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ أمّ سلمة سألته عن قول الله عزوجل (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ).
فقال : يا أمّ سلمة هنّ اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا رمصا (١) ، جعلهنّ الله بعد الكبر أترابا ، على ميلاد واحد في الاستواء (٢) ، كلّما أتاهنّ أزواجهنّ وجدوهنّ أبكارا. فلمّا سمعت عائشة ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : وأوجعاه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس هناك وجع».
وقالت عجوزة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ادع الله أن يدخلني الجنّة. فقال : «إنّ الجنّة لا تدخلها العجائز. فولّت وهي تبكي. فقال عليهالسلام : أخبروها أنّها ليست يؤمئذ بعجوز».
(فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) عذارى (عُرُباً) متحبّبات إلى أزواجهنّ. جمع عروب. وقيل : العروب اللعوب مع زوجها. وسكّن راءه حمزة وأبو بكر. (أَتْراباً) مستويات في السنّ ، فإنّ كلّهنّ بنات ثلاث وثلاثين. وكذا أزواجهنّ. وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يدخل أهل الجنّة جردا ، مردا ، بيضا ، جعادا ، مكحّلين ، أبناء ثلاث وثلاثين».
(لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) متعلّق بـ «أنشأنا» أو «جعلنا». أو صفة لـ «أبكارا». أو خبر لمحذوف ، مثل : هنّ ، أو لقوله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ). وهي على الوجوه الأول خبر محذوف. وإنّما نكّر سبحانه الثلّة ليدلّ على أنّه ليس لجميع الأوّلين والآخرين ، وإنّما هو لجماعة منهم ، كما يقال : رجل من جملة الرجال.
__________________
(١) الشمط جمع الشمطاء ، وهي : الّتي خالط بياض رأسها سواد. والرمص جمع الرمصاء ، وهي : الّتي سال منها الرمص. والرمص : وسخ أبيض في مجرى الدمع من العينين.
(٢) لعلّ المراد : أنّهنّ في استواء الخلقة كأنّهنّ ولدن على ميلاد واحد.