وقيل : الأوّل بالأزليّة ، والآخر بالأبديّة ، والظاهر بالأحديّة ، والباطن بالصمديّة.
والواو الأولى للدلالة على أنّه الجامع بين الصفتين : الأوّليّة والآخريّة.
والثالثة على أنّه الجامع بين الظهور والخفاء. وأمّا الوسطى ، فعلى أنّه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ، ومجموع الصفتين الأخريين.
(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يستوي عنده الظاهر والخفيّ.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) لما في ذلك من اعتبار الملائكة بظهور شيء بعد شيء من جهته. ولما في الإخبار به من المصلحة للمكلّفين. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) استولى عليه استيلاء الملك على الملك ، والمالك على الملك. وقد مرّ ذلك مرارا.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ) ما يدخل (فِي الْأَرْضِ) كالبذور (وَما يَخْرُجُ مِنْها) كالزروع (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) كالأمطار والأرزاق (وَما يَعْرُجُ فِيها) كالأبخرة وأعمال العباد والملائكة (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) لا ينفكّ علمه وقدرته عنكم بحال (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من خير وشرّ (بَصِيرٌ) عالم ، فيجازيكم عليه. ولعلّ تقديم الخلق على العلم لأنّه دليل عليه.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يتصرّف فيهما كيف يشاء. ذكره مع الإعادة كما ذكره مع الإبداء ، لأنّه كالمقدّمة لهما. (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) يوم القيامة. يعني : أنّ جميع من ملّكه شيئا في الدنيا يزول ملكه عنه.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يدخل ما نقص من الليل في النهار ، وما نقص من النهار في الليل ، حسب ما دبّره فيه من مصالح عباده (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بمكنونها ، من أسرار خلقه ، وما يخفونه من الضمائر والاعتقادات والإرادات والكراهات ، لا يخفى عليه شيء منها. وفيه تحذير من المعاصي.