يكون أمراً مركباً ، إذ كل ما فرض جامعاً يمكن أن يكون صحيحاً وفاسداً لما عرفت (١). ولا أمراً بسيطاً ، لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون هو عنوان المطلوب
______________________________________________________
(١) من كون الصحة والفساد أمرين إضافيين مختلفين بحسب اختلاف حالات المكلف ، هذا كله إذا كان الجامع مركباً. وان كان بسيطاً فلا يخلو إمّا أن يكون هو عنوان المطلوب ، أو ملزوماً مساوياً له كعنوان المحبوب أو ذي المصلحة أو نحوهما. وكلاهما غير ممكن ، أمّا (الأول) فلما يرد عليه من إشكالات ثلاثة : أحدها : أنّه غير معقول ، لأنّ هذا الجامع الّذي هو عنوان المطلوب المسمى بالصلاة مثلا إنّما يتحقق بتعلق الأمر والطلب به ، وبهذا الاعتبار يكون متأخراً رتبة عن الطلب ، وحيث إنّ الطلب يتعلق به فهو موضوع للطلب ، والموضوع مقدم رتبة على الحكم ، فبهذا الاعتبار يكون متقدماً رتبة على الطلب.
ونتيجة هذا التقريب : أن يكون عنوان المطلوب حين كونه متأخراً متقدّماً ، وهو المقصود بما ذكرناه من عدم المعقولية ، لكونه مستلزماً للدور.
ثانيها : أنّه يستلزم أن يكون لفظ الصلاة مثلا ولفظ المطلوب مترادفين ، ولازم ترادفهما صحة استعمال كل منهما موضع الآخر ، كما في لفظي ـ البشر ـ و ـ الإنسان ـ وغيرهما من الألفاظ المترادفة ، فلا بد حينئذٍ من صحة استعمال لفظ المطلوب مكان الصلاة وبالعكس ، مع عدم التزامهم بذلك ، فهذا كاشف عن عدم كون الموضوع له عنوان المطلوب.
ثالثها : أنّ لازم هذا العنوان البسيط الجامع بين الأفراد الصحيحة عدم جريان البراءة إذا شك في جزئية شيء أو شرطيته للعبادة ، لكون الشك حينئذٍ في المحصِّل ، إذ لا إجمال في المأمور به وهو العنوان البسيط ، وقد قرر في محله عدم جريان البراءة في المحصل ، فينسد باب البراءة في العبادات ، وينفتح فيها باب الاحتياط ، وهذا خلاف ما اشتهر بينهم من جريان البراءة في العبادات.