أقوال (١) بعد الاتفاق (٢) على كونه مجازاً فيما يتلبس به في الاستقبال ، وقبل الخوض في المسألة وتفصيل الأقوال فيها وبيان الاستدلال عليها ينبغي تقديم أُمور :
أحدها : أنّ المراد بالمشتق هاهنا (٣) ليس مطلق المشتقات ، بل خصوص
______________________________________________________
بالمبدإ حال الجري وبين الذات الفاقدة له حاله (*).
(١) متعلق ب ـ اختلفوا ـ.
(٢) غرضه : تحرير محل النزاع ومصب الأقوال ، وحاصله : أنّ مورد النفي والإثبات إنّما هو بعد اتصاف الذات بالمبدإ ، وأمّا قبله فلا خلاف بينهم في كون جري المشتق فعلاً على الذات من دون لحاظ التلبس بالمبدإ في المستقبل مجازاً كقولك : «زيد ضارب غداً» بإرادة الجري فعلاً وجعل ـ غداً ـ ظرفاً للتلبس لا قيداً للجري والنسبة ، فالجري فعلي والتلبس استقبالي.
(٣) أي : في هذا المبحث ، وإلّا فالمشتق ـ كما في البدائع ـ «يطلق لغة على مطلق أخذ شيء من شيء واقتطاع فرع من أصل يقال : ـ اشتق النهر من الوادي ـ إذا أُخذ شيء منه ، فالمشتق هو شق الشيء المأخوذ منه» انتهى ، ويطلق في اصطلاح الأدباء على لفظ يؤخذ من لفظ آخر ، ومجمله : أنّه ينقسم إلى ثلاثة أقسام أصغر وصغير وأكبر ، ويعتبر في الأوّل الموافقة في الحروف الأصلية ، بأن يكون الفرع مشتملاً على حروف الأصل وزيادة ، وكذا يعتبر فيه الموافقة
__________________
(*) لا يخفى : أنّ دعوى الاشتراك سواء أكان لفظياً أم معنوياً مبنية على تركب المشتق من الذات والمبدأ حتى يتصور الجامع بين حالتي التلبس والانقضاء ، وأمّا بناءً على بساطته فلا وجه لها أصلا ، لعدم جامع بين الوجود والعدم ، إذ مرجع الاشتراك حينئذٍ إلى وضع اللفظ لكل من وجود معناه وهو المبدأ وعدمه ، وهو باطل.