الزمان الماضي في فعله وزمان الحال أو الاستقبال في المضارع لا يكون ماضياً أو مستقبلا حقيقة لا محالة ، بل ربما يكون في الماضي (١) مستقبلا حقيقة وفي المضارع ماضياً كذلك (٢) ، وإنّما يكون ماضياً أو مستقبلا في فعلهما (٣) بالإضافة كما يظهر من مثل ـ يجيء زيد بعد عام وقد ضرب قبله بأيام ـ (٤) ، وقوله : ـ جاء زيد في شهر كذا وهو يضرب في ذلك الوقت أو فيما بعده (٥) مما مضى (٦) ـ فتأمل جيداً (٧). ثم لا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه (٨)
______________________________________________________
(١) أي : في الفعل الماضي.
(٢) أي : حقيقة.
(٣) أي : في الفعل الماضي والمضارع.
(٤) هذا مثال استعمال الماضي وهو ـ ضرب ـ في الزمان المستقبل حقيقة.
(٥) هذا مثال استعمال المضارع وهو ـ يضرب ـ في الزمان الماضي حقيقة ، لأنّ المفروض مضي الشهر الّذي هو أو ما بعده ظرف الضرب.
(٦) أي : من الزمان الّذي مضى.
(٧) لعله إشارة إلى : أنّه يمكن أن يكون مراد النحاة بالزمان الماضي أعم من الماضي الحقيقي والإضافي ، فلا يكون هذا الوجه الّذي تعرض له بقوله : «وربما يؤيد ذلك ... إلخ» مؤيّداً لعدم دلالة الفعل وضعاً على الزمان.
فالمتحصل مما ذكره المصنف (قده) : أنّ الزمان ليس جزءاً لمدلول الفعل مطلقاً ، غاية الأمر أنّ هيئة الفعل الماضي تدل على خصوصية تستلزم الوقوع في الزمان الماضي ، وهيئة المضارع تدل على خصوصية تستلزم الوقوع في الزمان الحال أو المستقبل ، لا أنّ الفعل يدل على الزمان تضمناً.
(٨) وهو الاسم والفعل.