بالسواك» ، وقوله (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم لبريرة بعد قوله : أتأمرني يا رسول الله «لا ، بل إنما أنا شافع» إلى غير ذلك. وصحة (٢) الاحتجاج
______________________________________________________
(١) هذا ثالث ما استدل به على أنّ الأمر حقيقة في الوجوب.
وحاصله : أنّ بريرة كانت أمة لعائشة وزوجها كان عبدا ثم أعتقتها ، فلما علمت بريرة بخيارها في نكاحها بعد العتق أرادت مفارقة زوجها ، فاشتكى الزوج إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال صلىاللهعليهوآله لبريرة : «ارجعي إلى زوجك ، فإنّه أبو ولدك وله عليك منة ، فقالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله : أتأمرني بذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآله : لا إنّما أنا شافع» تقريب الاستدلال به : أنّ نفيه صلىاللهعليهوآله للأمر دليل على كونه للوجوب ، ولذا قالت بريرة له صلىاللهعليهوآله : «أتأمرني يا رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك؟» إذ لو لم تكن دلالة الأمر على الوجوب مركوزة في الأذهان لم يكن وجه لسؤالها منه ، هذا. لكن فيه : أنّ الاستعمال أعم من الحقيقة ، والوجوب إنّما يستفاد منه هنا بسبب القرينة.
(٢) الظاهر بمقتضى السياق كونه معطوفا على قوله : ـ قوله تعالى : فليحذر ـ فيكون كغيره من المؤيدات ، ويحتمل أن يكون معطوفا على قوله : «انسباقه» ليكون دليلا لا مؤيدا ، حيث إنّه بمنزلة أن يقال : «لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب لانسباقه ، ولصحة احتجاج العبد ... إلخ» وكيف كان فتقريب الاستدلال به هو : أنّ صحة مؤاخذة العبد وتوبيخه على مجرد مخالفة أمر المولى دليل على كون الأمر حقيقة في الوجوب ، إذ لا يتوجه الذم والمؤاخذة إلّا على ترك الواجب ، ولذا توجه التوبيخ على إبليس بسبب تركه لما امر به من السجود لآدم حينما قال تعالى شأنه للملائكة : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) هذا. لكن فيه أيضا : أنّه لا يثبت بذلك إلّا ظهور الأمر في الوجوب واستعماله فيه ، من دون