حينئذٍ (١) طلب حقيقي ، واعتباره (٢) في الطلب الجدي ربما يكون من البديهي وإن (٣) كان هناك إرادة فكيف تتخلف عن المراد؟ ولا يكاد تتخلف (إِذا أَرادَ) الله (شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). وأمّا الدفع (٤) فهو : أنّ استحالة التخلف
______________________________________________________
(١) أي : حين عدم الإرادة ، إذ المفروض عينية الطلب والإرادة ، فانتفاء الإرادة يستلزم انتفاءه.
(٢) يعني والحال : أنّ اعتبار الطلب الحقيقي في التكليف الجدّي ربما يكون بديهياً.
(٣) هذا إشارة إلى المحذور الثاني وهو تخلف المراد عن الإرادة ، وأُسلوب الكلام يقتضي أن يقال : «وامّا أن تتخلف الإرادة عن المراد ان كان هناك إرادة توجب كون التكليف جدياً».
والحاصل : أنّه بناءً على تغاير الطلب والإرادة لا يلزم شيءٌ من المحذورين المتقدمين ، للالتزام بكون تكليف الكفار حقيقياً ناشئاً عن طلب حقيقي دون الإرادة الحقيقية.
(٤) محصل هذا الدفع كما يظهر ذلك من سائر الكلمات أيضا : انّ لله تعالى إرادتين : تكوينية وتشريعية :
أمّا الأُولى ، فهي عبارة عن العلم بالنظام على النحو التام ، وهذه الإرادة تتعلق بذوات الماهيات ، وتفيض عليها الوجود الّذي هو منبع كل خير وشرف ، فالماهيات بمجرد سماع نداء ربّها تطيع أمر خالقها ، ولا تتخلّف الإرادة التكوينية عن المراد أصلا.
وأمّا الثانية ، فهي عبارة عن العلم بوجود المصلحة في فعل العبد إذا صدر عنه بالإرادة والاختيار ، لا بالإلجاء والاضطرار ، لاختصاص المصلحة بذلك