وهذا (١) كما ترى ، ضرورة أنّ الصيغة ما استعملت في واحد منها (٢) بل لم تستعمل إلّا في إنشاء الطلب (*) ، إلّا أنّ الداعي إلى
______________________________________________________
والتكوين كقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) إلى غير ذلك من المعاني التي ذكرت للصيغة.
(١) يعني : واستعمال الصيغة في هذه المعاني كما ترى.
غرضه : أنّ الصيغة لم تستعمل في شيء من تلك المعاني ، بل استعملت في إنشاء الطلب ، ولكن الداعي للإنشاء هي تلك المعاني ، إذ الداعي إلى الإنشاء (تارة) يكون هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي ، وهو الّذي ينصرف إليه إطلاق الصيغة على ما تقدم في الفصل الأول ، (وأخرى) يكون أحد الأمور المتقدمة ، فينشأ الطلب بداعي الترجي أو التمني أو الإهانة أو غيرها من المعاني المتقدمة ، وعليه فالصيغة لم تستعمل إلّا في معنى واحد وهو إنشاء الطلب ، وتلك المعاني دواع للإنشاء ، وأجنبية عن مدلول الصيغة ، فلا تستعمل الصيغة في التهديد والتعجيز وغيرهما أصلا.
(٢) أي : من المعاني المتقدمة.
__________________
(*) في العبارة مسامحة ، لأنّ ظاهرها كون المستعمل فيه إنشاء الطلب ، وهو خلاف ما ذكره في أوّل الكتاب من نفي البعد عن كون الإنشائية والإخبارية من مقوِّمات الاستعمال ، وخارجتين عن المعنى المستعمل فيه ، كخروج الاستقلالية والآلية عن المعنى الاسمي والحرفي. وعليه فالظاهر : أنّ مراده كون المستعمل فيه هو الطلب الإنشائيّ في مقابل الطلب الحقيقي ، لكن قد تقدم في المعاني الحرفية : أنّ الهيئات موضوعة بالوضع الحرفي ، فهي كالحروف وضعت للنسب ، فهيئة الأمر موضوعة للنسبة الطلبية ، فقوله : ـ صلِّ ـ مثلا يدل على نسبة المادة إلى المخاطب نسبة طلبية.