ذلك (١) كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي يكون أُخرى أحد هذه الأُمور (٢) كما لا يخفى ، وقصارى ما يمكن أن يدعى (٣) أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب فيما إذا كان بداعي البعث والتحريك (*)
______________________________________________________
(١) أي : إلى إنشاء الطلب.
(٢) أي : الترجي والتمني وغيرهما من الأُمور المتقدمة.
(٣) توضيحه : أنه قد عرفت أنّ الصيغة لم تستعمل إلّا في إنشاء الطلب ، فهي حقيقة فيه سواء كان الداعي إلى الإنشاء هو البعث أم التهديد أم غيرهما ، ومن المعلوم : أنّ اختلاف الدواعي لا يوجب اختلافاً في المدلول ، نعم غاية ما يمكن أن يقال هو : أنّ الصيغة وُضعت لإنشاء الطلب إذا كان بداعي البعث والتحريك ، فاستعمالها في إنشاء الطلب بهذا الداعي يكون على وجه الحقيقة ، وبسائر الدواعي كالتمني والترجي وأخواتهما يكون على وجه المجاز ، وعلى كل حال ليست الصيغة مستعملة في التهديد وغيره من الأُمور المزبورة ، بل المستعمل فيه هو إنشاء الطلب ، غاية الأمر : أنّ هذا الاستعمال حقيقي إن كان الإنشاء بداعي الجد أي البعث نحو المطلوب الواقعي ، ومجازي إن كان بداعٍ آخر كالتهديد وأخواته.
__________________
(*) قد مرّ سابقا : امتناع دخل ما هو من شئون الاستعمال في الموضوع له بحيث يكون المعنى في مقام الوضع مقيّدا به ، والغرض الداعي إلى استعمال الصيغة في إنشاء الطلب يكون من شئون الاستعمال ، فيمتنع دخله في المعنى الموضوع له ، بل المعنى واحد مطلقا سواء كان الداعي هو البعث أم التهديد أم غيرهما ، وعليه فيكون استعمال الهيئة في إنشاء الطلب بأي داع كان على نحو الحقيقة ، نعم لا بأس بدعوى ظهور الإنشاء في كونه بداعي البعث والتحريك بحيث يحمل اللفظ عليه