وإلّا يلزم الكذب في غالب الكنايات؟ فمثل ـ زيد كثير الرماد ـ أو ـ مهزول الفصيل ـ لا يكون كذباً إذا قيل كناية عن جوده ، ولو لم يكن له رماد وفصيل أصلا ، وإنّما يكون كذباً إذا لم يكن بجواد (١) ، فيكون (٢) الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ (٣) ، فإنّه (٤) مقال بمقتضى الحال ، هذا. مع أنّه إذا أتى
______________________________________________________
ولكن كان جواداً لم يلزم كذب أصلا ، والجمل الخبرية التي قصد بها البعث لا الإعلام تكون كالكنايات ، فكما لا تتصف المعاني المكنّى بها بالصدق والكذب ، بل المتصف بهما هي المعاني المكنى عنها ، فكذلك الجمل الخبرية المقصود بها البعث لا الإعلام.
وبالجملة : فلا يتصف كلّ خبر بالصدق والكذب.
(١) لأنّ المقصود بمثل ـ زيد كثير الرماد ـ هو الجود ، وقصد بهذه القضية الخبرية الحكاية عن الجود ، فالصدق والكذب ملحوظان بالنسبة إلى هذا المعنى المكنى عنه ، فكذب هذه القضية عبارة عن عدم الجود ، لا عدم كثرة الرماد مثلا.
(٢) هذا مترتب على كون الجمل الخبرية إخباراً لا بداعي الإعلام ، بل بداعي الطلب.
(٣) من الطلب بالصيغ الإنشائية.
(٤) هذا وجه الأبلغية ، وحاصله : أنّه لمّا كان المتكلم في مقام البعث فالمناسب له هو الإتيان بما يؤكِّده ، (وحيث) إنّ الإخبار بوقوع المطلوب من لوازم شدة الطلب التي لا يزاحمهما شيء من موانع التأثير في وجود المطلوب ، لدلالة الاخبار بالوقوع على إرادة إيجاده بحيث لا يرضى بتركه ، ولذا أخبر بوجوده وأتى بالجملة الخبرية (فدلالتها) على الطلب تكون من باب الكناية التي هي استعمال