فرد آخر أحسن منه (١) ، بل مطلقاً (٢) كما كان له
______________________________________________________
(١) كالصلاة المعادة جماعة ، لما ورد من : أنّ الله تعالى يختار أحبهما إليه.
(٢) يعني : ولو لم يكن الفرد الثاني أحسن من الأوّل ، بل مساوياً له ، أو دونه.
__________________
أو يصح أحبهما إليه» كان منافياً لما ذكرناه ، ففي مثل الصلاة المعادة نقول : إنّ المطلوب متعدّد ، حيث إنّ نفس الطبيعة كالصلاة مطلوب ، والخصوصية ـ وهي إتيانها جماعةً مثلاً ـ مطلوب آخر ، فإذا أتى بالصلاة فرادى يسقط الأمر المتعلق بالطبيعة ، لانطباقها على المأتي به قهراً الموجب للإجزاء عقلاً ، ويبقى أمر الخصوصية ، وحيث إنّه لا يمكن امتثاله إلّا بإعادة الصلاة ، فتعاد استحباباً ، للأمر بتلك الخصوصية ، وبعد الإتيان بها ثانيا معها يختار الله عزوجل ويقبل أحبّهما إليه من حيث شرائط القبول. وقد ظهر مما ذكرنا : أنّ الغرض من الأمر بإحضار الماء للشرب أو الوضوء هو التمكن منهما ، لا ترتبهما عليه فعلا ، لما مرّ من امتناع دخل إرادة غير المأمور في ترتب الغرض على متعلق الأمر ، فليس الغرض الداعي إلى الأمر إلّا حصول التمكن من الشرب والوضوء المتحقق بنفس إحضار الماء الموجب لسقوط الأمر ، فلو أمر المولى بعد ذلك بإحضار الماء أيضا ، فلا بد أن يكون ذلك لغرض آخر غير التمكن المزبور ، كما إذا أمر ثانيا لإدراك خصوصية ، كبرودة الماء ، أو صفائه ، أو غيرهما ، فإنّه يرجع ذلك إلى غرض آخر غير الغرض القائم بالفرد السابق ، فجواز تبديل الامتثال ـ بعد فرض كونه مترتبا على انطباق المأمور به على المأتي به ـ مما لا يخلو من الغموض ، فالامتثال علّة تامة لسقوط الأمر والغرض فتأمّل جيّدا.